حالة من الفوضي والتضارب في الفتاوي تعيشها مصر ليس علي المستوي الشعبي فقط وإنما انتقلت الحالة الي المؤسسات الدينية الرسمية في مصر وبين أبناء المؤسسة الواحدة، ورغم حرص الدولة علي حصر الفتاوي الرسمية تحت إشراف دار الفتوي والأزهر فإن التضارب يحدث كثيرا بين الجهات الرسمية. فقد وصل التضارب بين الجهات الي حد الاختلاف حتي علي صدور قانون يلزم الدعاة غير الرسميين بعدم إصدار فتاوي، فقد رفض الدكتور سيد طنطاوي شيخ الأزهر إصدار القانون وأكد أن كل عالم من حقه الاجتهاد، بينما أعلن الدكتور حمدي زقزوق وزير الأوقاف موافقته علي القانون لغلق الأبواب علي علماء الفضائيات. وبالنسبة للاختلاف في الفتاوي نفسها فقد ظهر في العديد من الفتاوي منها ما أفتي به الدكتور علي جمعة من جواز تولي المرأة لرئاسة الجمهورية معتبرا أن ما لا يجوز للمرأة هو فقط تولي خلافة المسلمين مؤكدا أن هذا المنصب من التراث الإسلامي القديم. في حين رفض نصر فريد واصل المفتي الأسبق رئاسة المرأة للدولة مبررا ذلك بأنها مهمة تحتاج لعزيمة الرجال. وتضاربت الفتاوي حول تأجيل الحج من عدمه كإجراء احترازي تجاه انفلونزا الخنازير فقد رفض الدكتور علي جمعة إصدار فتوي شرعية تبيح تأجيل السفر للأراضي المقدسة لأداء العمرة أو الحج، في المقابل أجاز عدد من علماء الأزهر تأجيل أداء فريضة الحج هذا العام استجابة لتحذيرات منظمة الصحة العالمية من تزايد أعداد المصابين بمرض إنفلونزا الخنازير والطيور مستندين الي القاعدة الفقهية التي تنص علي »درء الضرر مقدم علي جلب المنفعة« وأكد الشيخ عبدالله مجاور الأمين الاسبق للجنة الفتوي بالأزهر الشريف علي جواز تأجيل الحج هذا العام اتقاء لشر وباء انفلونزا الخنازير مستشهدا علي وجود حجاج يأتون من الدول الغربية التي انتشر داخلها الوباء محذرا من إمكانية نقله لسائر بلاد المسلمين من خلال الحجيج، كما أكد الدكتور أحمد عبدالرحمن علي شرعية تأجيل الفريضة للعام القادم مطالبا بترشيد أداء فريضة الحج بصفة عامة لأن البعض يؤدونها كل عام. وبشأن المريض الميت دماغيا شهدت هذه القضية خلافا فقهيا واسعا بين علماء مصر بعضهم البعض. فقد أفتي الدكتور يوسف القرضاوي بجواز ايقاف أجهزة الانعاش الصناعي عن المريض الميت دماغيا فيما يعرف بإجازة »تيسير الموت« مبينا أن قتل الرحمة هو تسهيل موت المريض من دون ألم لتخفيف معاناته خاصة في الأمراض التي لا يرجي شفاؤها مثل السرطان والإيدز. هذا وقد عد شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي هذا الموت غير شرعي وأيدته في ذلك دار الافتاء المصرية، فمصلحة الطب الشرعي في مصر أكدت أن هذا المتوفي مازال حيا يرزق وصدرت فتوي لمجمع البحوث الإسلامية أجمع من خلالها علي عدم وجود أدلة شرعية يعتمد عليها في تحريم نقل الأعضاء من جسد الميت الي الإنسان الحي بعد تحقيق الموت الشرعي والنهائي وأن الموت بهذه الطريقة يعني توقف جميع أعضاء جسم الإنسان عن أداء وظائفها بصورة تامة وليس بموت المخ أو الموت الاكلينيكي باعتباره لا يعد موتا شرعيا، فيما أكد الدكتور نصر فريد واصل من أن تحقق الوفاة الكاملة لجميع أعضاء الجسد شرط لأخذ أحد أعضاء الميت. وبسبب اعتبار علي جمعة الشباب الغارقين علي السواحل المصرية ليسوا شهداء وأنهم طامعون دخل المفتي في أزمة مع مجمع البحوث الإسلامية برئاسة الدكتور محمد سيد طنطاوي الذي أكد أن هؤلاء الشباب الغرقي شهداء في نفي واضح وصريح لفتوي جمعة مؤكدا رأيه بالحديث الشريف »الغريق شهيد«.. كذلك أفتي شيخ الأزهر من قبل بحرمة فوائد البنوك ثم عاد وأحلها وقال إن من يقول إنني حرمتها فهو كاذب في حين أن هذه الفتوي مسجلة برقم 124/41 وقال فيها: »لقد أجمع المسلمون علي تحريم الربا وهو في اصطلاح الفقهاء زيادة في معاوضة مال بمال دون مقابل، وأضاف طنطاوي في فتواه وقتها »أن تحريم الربا بهذا المعني أمر مجمع عليه في كل الأديان السماوية«. كما شن الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف هجوما عنيفا علي فتوي الدكتور علي جمعة التي أكد فيها أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتبركون بشرب بول النبي، وتساءل زقزوق هل انتهت كل مشاكل العالم الإسلامي ولم يعد غير فتوي التبرك بشرب بول الرسول ووصفها بالتخاريف. وجاءت فتوي ارضاع الكبير للدكتور عزت عطية رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر التي أباح فيها للمرأة العاملة بأن ترضع زميلها خمس رضعات مشبعات حتي يحرم عليها صادمة المجتمع المصري وعلماء المسلمين، فأكد زقزوق أن هذه الفتوي تسيء للإسلام إساءة بالغة وتمثل انحدارا شديدا تدفع الناس للتخلف والجهل كما انها لم تراع وتحترم قواعد الذوق العام. أما عن آخر الفتاوي التي أثارت جدلا شرعيا بين علماء الدين الإسلامي هي جواز دار الافتاء المصرية زواج المسيار بشرط موافقة ولي الأمر الذي خلق جدلا واسعا بين علماء الأزهر الذين أصروا علي أن زواج المسيار باطل شرعا وأنه يفتح أبوابا للانحراف الخلقي في المجتمع ولن يحل مشكلة العنوسة بقدر ما سيخلف مشاكل ورفض جمعة التراجع عن فتواه أو عمل مناظرة مع المشايخ الرافضين لتلك الفتوي، واعتبر المراقبون أن مؤتمر الأزهر الذي عقد وقتها بداية معركة فقهية وجدلية بين الإصلاحيين برئاسة المفتي من جهة وبين الصقور من جهة أخري، الأمر الذي ربما يتحول الي أكثر من سجال شديد ربما لا تحمد عقباه« وأحد أشد المعارضين لفتوي د. جمعة كانت الدكتورة آمنة نصر أستاذ الفقه في جامعة الأزهر وقالت انها لا تعترف بوجود ضوابط أو أدلة شرعية تبيح زواج المسيار.
http://www.alwafd.org
Thursday, July 2, 2009
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment