Tuesday, May 12, 2009

اشرف مروان


عرب تايمز - خاص

عرضت محطة ميلتري الامريكية - وهي محطة متخصصة بعرض البرامج ذات الطابع العسكري وهي جزء من محطة ديسكفري - عرضت طوال الاسبوع الماضي برنامجا وثائقيا عن حرب تشرين اكتوبر كشفت فيه النقاب عن ان اشرف مروان - زوج منى ابنة جمال عبد الناصر - قد انقذ حياة الاف الجنود المصريين الذين عبروا القنال في حرب اكتوبر تشرين من وشاية الملك حسين الذي طار بنفسه الى تل ابيب للابلاغ عن موعد الهجوم المصري السوري المشترك

ووفقا للبرنامج فان اشرف مروان هو الذي حال دون اخذ اسرائيل بوشاية الملك العربي والتي كانت ستسفر عن مقتل الاف الجنود المصريين فيما لو فتحت اسرائيل انابيب النفط التي كانت ستحول القنال الى بركة من النار

وقد جاء عرض البرنامج - الذي سجلت عرب تايمز نسخة منه للتوثيق - في اطار الحديث عن تكتيكات الهجوم المضاد في المعارك ... حيث قدم البرنامج نموذجبن لهجومين مضادين ... الاول نجح والثاني فشل ... الهجوم الاول هو هجوم السوفييت على تحصينات الجيش الالماني حول ستالينغراد ونجاح الجيش الاحمر في محاصرة ثلاثمائة الف جندي الماني ... اما الهجوم المضاد الفاشل فهو هجوم الجيش الاسرائيلي بعد عشر ساعات من بدء المعركة وعبور القوات المصرية للقنال حيث ذكر البرنامج ان الهجوم الاسرائيلي ادى الى تدمير مائتين وخمسين دبابة اسرائيلية وسقوط خمسة وثلاثين طائرة اسرائيلية خلال ساعة واحدة من جراء حائط الصواريخ المصري

وفي تقديم البرنامج لحيثيات معركة اكتوبر .. قال ان اسرائيل اعتمدت في قرارها على مخبرين او جاسوسين هما الملك حسين ... واشرف مروان الذي كانت تطلق عليه لقب ( المصدر ) ... فقبل عشرة ايام من المعركة اتصل الملك حسين بجولدا مائير ليخبرها ان المصريين والسوريين يعدون للهجوم على اسرائيل ... ووفقا للبرنامج فان اسرائيل اتصلت بعميلها( اشرف مروان ) فاخبرها ان ما يقوله الملك ليس صحيحا

وقبل الحرب بخمسة ايام فقط طار الملك حسين شخصيا بطائرة هليوكوبتر الى تل ابيب والتقى غولدامائير واخبرها ان الهجوم اصبح قريبا ... فلم تأخذ غولدا مائير بكلام الملك لانها اتصلت مرة اخرى باشرف مروان الذي نفى تماما مزاعم الملك وقال البرنامج ان اسرائيل لو اخذت بكلام الملك حسين واستعدت للحرب وفتحت انابيب النفط على مياه القنال لتحول القنال الى بركة من اللهب ولقتل الاف الجنود المصريين

ولكن : لماذا لم تصدق غولدامائير كلام الملك العربي ( الخائن ) وصدقت كلام اشرف مروان

يقول البرنامج ان اشرف مروان كان عنصرا مهما من عناصر الخداع الاستراتيجي لاسرائيل حيث تقدم للسفارة الاسرائيلية بلندن عارضا التعاون معها مقابل مائة الف جنيه استرليني مقابل كل اخبارية ... ونظرا لمكانة اشرف مروان في مصر - فهو مساعد سابق لعبد الناصر وللسادات وكان رئيسا لمؤسسة التصنيع العسكري وهو زوج منى ابنة عبد الناصر - فان اسرائيل شكت بالامر وطلبت التحقق من جديته

وحتى تأمن اسرائيل جانبه قدم اشرف مروان لها معلومات وتسجيلات صحيحة منها تسجيل صوتي لمباحثات سرية جرت بين السادات والزعماء السوفييت طلب خلالها السادات تزويده بصواريخ بعيدة المدى لضرب المدن الاسرائيلية وطاائرات هجومية بعيدة المدى وقد رفض السوفييت الطلب مما اقنع الاسرائيليين بان كلام السادات عن استعادة سيناء هو كلام فقط للاستهلاك المحلي وان المصريين غير مستعدين لحرب تحرير وان السوفييت لم ولن يقدموا اسلحة لهذا الغرض

من هنا عندما وشى الملك حسين قبل عشرة ايام من المعركة بالمصريين اخذ الاسرائيليون بكلام اشرف مروان وليس بكلام الملك حسين ... وعندما عاد الملك وطار بنفسه الى تل ابيب قبل الحرب ظل الاسرائيليون عل قناعتهم بان مصر غير قادرة على شن الحرب وفضلوا الاعتماد على مصدرهم الرئيسي وهو اشرف مروان الذي تبين لاحقا انه كان يقوم بعمله ضمن خطة خداع استراتيجي مصرية غاية في الذكاء

وكانت الصحف الاسرائيلية قد ابدت اهتماما كبيرا بمقتل اشرف مروان في لندن واتهامه بإنه عميل مزدوج فقد كتبت صحيفة يديعوت احرونوت : أن هناك غموضا يكتنف وفاة مروان، الذي وصفته بانه كان عميلا مزدوجا ما بين المخابرات المصرية والاسرائيلية، وانه كان يخشى على حياته منذ أن كشفت إسرائيل عام 2003 انه عميل كبير للموساد. وذكرت الصحيفة: أن ايلي زريعي رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي أثناء حرب أكتوبر 1973 وكبار قادة الموساد في ذلك الوقت والشاباك اعتبروا أن اشرف مروان كان عميلا مزدوجا، وانه سبب إخفاقا تاما وكبيرا لمؤسسة الموساد، لكن هناك منتقدين لهذا التوجه قالوا انه لا يوجد أساس لهذه النظرية.وكتبت صحيفة معاريف: "اشرف مروان عميل مزدوج أفشلنا في حرب أكتوبر، وأيا تكون الأسباب وراء موته فانه ترك بقعة سوداء تلوث تاريخ الجاسوسية في إسرائيل بعد أن خدعها وجعل من هذه المؤسسة أضحوكة". وانتقدت معاريف بشدة الكشف عن اسم مصدر من قبل الدولة وهو على قيد الحياة

قال اللواء إيلي زيرا، الذي طرد من منصبه كرئيس للاستخبارات العسكرية بعد فشل إسرائيل في التنبؤ بالحرب عليها، في كتاب صدر في العام 1993، إن إسرائيل فوجئت بالحرب لأنها وقعت ضحية عميل مزدوج. غير أنه لم يذكر اسمه في ذلك الكتاب، لكن الصحافة الإسرائيلية قامت بنشر اسم مروان.وتردد أن مروان كان يحمل لدى الاستخبارات الإسرائيلية إسما حركيا هو "بابل". ووفقا لصحيفة التايمز فانه تردد أن مروان عرض خدماته على إسرائيل عام 1969 وظل يمدها في السنوات التالية بالمعلومات عن مصر والعالم العربي، وهي المعلومات التي وصفها مسئولون إسرائيليون بأنها لا تقدر بثمن


وذكر الرئيس المصري حسنى مبارك : أن مروان كان وطنيا مخلصا وقام بالعديد من الأعمال الوطنية لم يحن الوقت للكشف عنها مشددا على انه لم يكن جاسوسا لإي جهة على الإطلاق .ونفى أنه ابلغ إسرائيل بموعد حرب أكتوبر وذكر أنه لا أساس له من الصحةوذكر المؤرخ اليهودي أن مروان سلم الموساد نسخة مكتوبة من حوار جمال عبد الناصر مع القادة السوفيت في 22 من يناير 1970 يطالبهم فيها بقاذفات (طائرات) بعيدة المدى، كما سلمهم نسخة من رسالة سرية بعث بها السادات إلى الرئيس السوفيتي ليونيد بريجينيف في 30 من أغسطس 1972 طالبه فيها بصواريخ بعيدة المدى من طراز "سكود" ويقول فيها إنه من دون هذه الصواريخ لا يستطيع شن حرب لتحرير سيناء.ويضيف المؤرخ اليهودي في كتابه أن مروان أبلغ الموساد بمعلومات عن الخلية الفلسطينية الفدائية بقيادة أمين الهندي التي كانت تنوي تفجير طائرة "العال" المدنية في روما ردا على قيام إسرائيل بإسقاط الطائرة المدنية الليبية، وقد أفشلت إسرائيل العملية بفضل المعلومات التي قدمها "بابل" أو مروان

لكن القنبلة المدوية التي فجرها كتاب بيرجمان هي أن "بابل" طلب في 4 من أكتوبر 1973 مقابلة رئيس الموساد "تسفي زمير"؛ فطار إليه الأخير خصيصا في اليوم التالي (5 من أكتوبر)، والتقاه في إحدى الدول الأوروبية فوجده غاضبا "لأن إسرائيل تتجاهل تحذيراته ولا تعمل شيئا لمواجهة خطر الحرب". وفي مساء اليوم نفسه اتصل "بابل" وأبلغ إسرائيل بأن موعد الهجوم المصري السوري سيكون قبل حلول المساء من يوم 6 أكتوبر.ويقول رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) إبان حرب أكتوبر إيلي زعيرا في تحقيقات لجنة "أجرانات" الإسرائيلية التي حققت مع القادة الإسرائيليين في أسباب هزيمتهم في أكتوبر 1973 والتي أفرجت إسرائيل عنها مؤخرا وتنشرها صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مترجمة للعربية على حلقات هذه الأيام: إن بابل نقل معلومات دقيقة إلى إسرائيل لكي يحظى بثقتها

ولكن الهدف من تشغيله من قبل المصريين كان في الواقع التضليل؛ فهو أبلغ عن رسالة السادات إلى بريجنيف فقط لكي يقنع إسرائيل بأن السادات لن يحارب إلا إذا حصل على صواريخ (سكود)، وفي الحقيقة أنه لم يحصل عليها؛ ولذلك سادت القناعة في إسرائيل بأن مصر لن تجرؤ على إعلان الحرب، مما أدى إلى سواد نظرية "الفرضية" المشهورة لدى الاستخبارات العسكرية.وتقول "الفرضية" وفق تقارير لجنة أجرانات: "إن مصر لن تحارب إلا إذا تمت الحرب بالاشتراك مع سوريا وبالحصول على طائرات حديثة، وأسلحة أخرى تضمن تفوقا مصريا على سلاح الجو الإسرائيلي".ويضيف زعيرا: كيف يمكن لمسئول مصري رفيع كهذا أن يأتي إلى السفارة الإسرائيلية في لندن في وضح النهار، في الوقت الذي يعرف هو وقادته بأن هذه السفارة مثل غيرها من السفارات الإسرائيلية في الخارج مراقبة من عشرات أجهزة المخابرات في العالم؟

ويعتبر رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية السابق بأن أهم مهمة قام بها "بابل" هي عندما أبلغ إسرائيل بموعد الحرب. فهو قال إنها ستتم قبيل حلول المساء وبذلك خدع إسرائيل لأن الحرب بدأت في الثانية من بعد الظهر. فقد فهم منه الإسرائيليون أن الحرب ستقع في السادسة مساء، وخلال الساعات الأربع كانت القوات المصرية قد أتمت عبور القنال، ولذلك فإنه نجح في تضليل إسرائيل.ويقول أنصار رؤية زعيرا من القادة الإسرائيليين: "إن ما قامت به المخابرات المصرية بزرع "بابل" كعميل مزدوج هو تكتيك روسي تقليدي يتمثل في "زرع عميل مزدوج يغذونه بـ 95% معلومات دقيقة وفي اللحظة الحاسمة ينقلون عبره معلومات كاذبة".لكن في الموساد من يردون على هذا الزعم بأنه ليس هناك في مصر، ولا حتى السادات نفسه، من كان على استعداد لتحمل مسئولية تسليم معلومات مركزية وهامة عن مصر كالتي سلمها "بابل" طوال أكثر من 4 سنين فقط من أجل التضليل في لحظة معينة

وقد استمر النقاش في إسرائيل حول مدى مصداقية "بابل"، وأجرت المخابرات الإسرائيلية على اختلاف أجهزتها أبحاثا رسمية حول الموضوع استنتجت منها أنه "كان جاسوسا لها ولم يكن مبعوثا من المخابرات المصرية بهدف التضليل".في حين يرى المخالفون -وبينهم إيلي زعيرا- أن الثقة في "بابل" كانت "أكبر هزيمة تحققت لإسرائيل في تاريخها" بابل وأكتوبر العام 2004 جاء حاملا مفاجئة مدوية ليست لمروان هذه المرة لكنها للذين يعتقدون داخل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أن "بابل" أو مروان كان مخلصا لهم، ولم يكن "طُعْمًا" من المخابرات المصرية ابتلعوه للنهاية؛ حيث شاهد أحد العاملين في جهاز مخابرات إسرائيلي على مراقبة شبكات التلفزيون العربية بثا لإحدى القنوات المصرية الرئيس المصري حسني مبارك وهو يصافح مروان في احتفالات ذكرى حرب أكتوبر في العام 2004

وقام رجل المخابرات الإسرائيلي بتسجيل مقطع المصافحة والذي تخلله أيضا عناق على شريط فيديو، وبعد أن تأكد من الشخص المقصود هو فعلا أشرف مروان أبلغ المسئولين عنه بالأمر.ونشرت صحيفة يديعوت أحرونوت في مايو 2005 تقريرًا عن هذا الشريط الذي يجمع مبارك ومروان اعتبر فيه محرر الصحيفة لشئون أجهزة الاستخبارات والقضايا الإستراتيجية أنه "سينهي الجدل الدائر منذ 32 عامًا في إسرائيل حول مروان بأنه بطل قومي مصري".وكتب المحلل يقول: "بعد الآن لا يتبقى أي مكان للشك.. فالرئيس المصري لا يتعامل على هذا النحو مع أكبر خائن عرفته مصر، بل هكذا يتم التعامل مع بطل قومي".وجاء تأكيد إضافي لمن يرى في مروان بطلا قوميا أنه منذ الحرب وحتى وفاته، وبعد ما نشره أهارون برجمان، حظي مروان بالازدهار والأمن، وبالقدرة على دخول مصر والخروج منها كما يشاء. وهناك من يرون في ذلك برهانا آخر على أن قادة الحكم المصري والسادات كانوا يعرفون أنه عميل مزدوج، وأنهم زرعوه في الموساد لهذا الغرض

وفضلا عن ذلك فإن عمرو موسى وزير الخارجية المصري السابق، سمح لابنته بالزواج من ابن مروان، في الوقت الذي كان فيه موسى في منصب يسمح له بالاطلاع على المعلومات الأشد سرية في الاستخبارات المصرية بحكم عمله في الخارجية.ويقول رجل من وحدة الأبحاث في شعبة الاستخبارات الإسرائيلية تعليقا على هذا الأمر بحسب برجمان: "لو كان مروان خائنا حقا، فإن موسى لم يكن أبدا ليسمح بهذا الزواج. علما بأن هانيا عمرو موسي انفصلت عن أحمد أشرف مروان بعد زواج دام 15 عامًا، وله منها ولد وبنت اسمهما محمد وأمينة

No comments: