Friday, June 12, 2009

تحريم الخبائث وأثره في صحة الفرد والمجتمع

لمخدرات ... خطر داهم
التعريف :المخدر لغة من الخدر و هو الضعف و الكسل و الفتور و الاسترخاء ، يقال : تخدر العضو إذا استرخى فلا يطيق الحركة .و عرف الفقهاء المخدر _ أو المفسد _ بأنه تغطية العقل لا مع الشدة المطربة ، أي هو ما غيب العقل و الحواس من غير نشوة و لا طرب ، و ذكروا الحشيش مثالاً عليه .و الحقيقة أن هذا التعريف لا ينطبق تماماً على واقع المخدرات و الأولى أن تعرف بأنها ما يشوش العقل و الحواس بالتخيلات و الأهلاس بعد نشوة و طرب و تؤدي بالاعتياد عليها الإذعان لها .و إن ما يطلق عليه اليوم اسم المخدرات يشتمل على مواد مختلفة و متباينة في تأثيراتها و خطورتها ، منها المخدرات المكيفة كالحشيش و الأفيون و سواها ، و منها المخدرات العامة الطبية ، و منها المنومات _ المرقدات _ و المفترات …. و سنتعرض لكل منها بإيجاز مع معرفة الحكم الفقهي فيها .لمحة تاريخية :إن استخدام المخدرات قديم قدم البشرية ، و عرفتها أقدم الحضارات في العالم ، فقد وجدت لوحة سومرية يعود تاريخها إلى الألف الرابعة قبل الميلاد تدل على استعمال السومريين للأفيون ،و كانوا يطلقون عله نبات السعادة .و عرف الهنود و الصينيون " الحشيش " منذ الألف الثالثة قبل الميلاد كما ورد في كتاب صيدلية ألفه الإمبراطور " شينغ نانج " ، كما وصفه هوميروس في الأوديسا .و عرف الكوكائين في أمريكا اللاتينية منذ 500 عام قبل الميلاد ، و كان الهنود الحمر يمضغون أوراقه في طقوسهم الدينية .أما القات فقد عرفه الأحباش قديماً و نقلوه معهم إلى اليمن عام 525 ميلادي .و في أوائل القرن التاسع عشر تمكن الألماني سيدترونر من فصل مادة المورفين عن الأفيون و أطلق هذا الاسم نسبة إلى مورفيوس إله الأحلام عند الإغريق .و في المشرق الإسلامي يرجح ابن كثير أن الحسن بن الصباح في أواخر القرن الخامس الهجري _ الذي كان زعيم طائفة الحشاشين _ كان يقدم طعاماً لأتباعه يحرف به مزاجهم و يفسد أدمغتهم . و هذا يعني أن نوعاً من المخدرات عرفه العالم الإسلامي في تلك الحقبة . و يرى المقريزي أن ظهور الحشيشة كان في أوائل القرن السابع الهجري على يد " الشيخ حيدر " من جهلاء المتصوفة وكان يدعوها بحشيشة الفقراء .أسباب انتشار المخدرات :لانتشار المخدرات أسباب مختلفة منها ما يتعلق بطبيعة هذه المواد ، أو شخصية متعاطيها و الظروف البيئية و الحضارية و السياسية الاستعمارية في العالم المعاصر .نعم . لقد كان للاستعمار و مخططاته لاستعباد العالم الإسلامي و الدول النامية عموماً أثر كبير في انتشار المخدرات على نطاق واسع من أجل السيطرة عليه بشل طاقات لأمة و قتل نفوس أفرادها ، كما فعلت بريطانيا عندما شجعت على زراعة الأفيون في الهند و كما فعلت من أجل السيطرة على الصين عندما أوحت إلى عملائها بزراعة الحشيش في أراضيها و الذي مكنها من استعمارها للصين أكثر من ثلاثة قرون .و لعل أهم الأسباب الاجتماعية الظروف الصعبة في العمل و انتشار البطالة و كثرة انتشار الأفلام الهابطة التي تروج لها . و التقليد الأعمى الذي يسيطر على مراهقينا مع الفقر الذي يلجئهم للبحث عمن يعطيه أو يغنيه فيتلقفه أرباب الفساد و تجار الرذيلة .و في بحث أجراه الدكتور الطيار على مجموعة من المساجين من متعاطي المخدرات بين فيه أن المشاكل الأسرية و الخلاف بين الزوجين كثيراً ما يدفع أفراد الأسرة للجوء إلى المخدرات هرباً من الواقع المؤلم الذي يعيشونه و كذا سوء معاملة الأولاد ، أو الإفراط في تدليلهم و تلبية رغباتهم .كما يعتبر سفر أبنائنا إلى الخارج و سرعة التنقل من الأسباب التي سهلت لهم إمكانية الحصول على الجنس و المخدر بعيداً عن رقابة الأهل .كما بين أن العمالة الأجنبية هي من أخطر المصائب التي ابتليت بها مجتمعاتنا المحافظة ، حيث ينقل العمال الأجانب إلى الأسر التي يعيشون فيها تقاليدهم و عاداتهم ، فكان للعمالة الأجنبية باع طويل في تهريب المخدرات و الترويج لها .و هناك ارتباط وثيق بين انتشار المخدرات و انتشار الأمراض المنتقلة بالجنس و خاصة الإيدز فهناك حلقة مفرغة بينهما ، فتعاطي المخدرات يؤدي إلى انتشار هذه الأمراض ، كما أن الإصابة بتلك الأمراض الجنسية يغلب معها إدمان المخدرات .و الأهم من ذلك كله الخواص الدوائية للعقار المخدر و التي تسبب الاعتياد فالإدمان . فاستعمال المنومات بصورة يومية يؤدي بعد شهر إلى الإدمان عليها ، أما الهيروئين فإن استعماله المنتظم خلال أسبوع واحد يؤدي إلى الإدمان .و الحقن الوريدي للعقار أسرع في إحداث الاعتياد من تناوله الفموي ، كما أن سرعة الحصول على العقار ترفع نسبة التعاطي و الإدمان .كما أن هناك بعض الأمراض النفسية كالاكتئاب و الفصام تعتبر من العوامل الهامة و المؤهبة للإدمان .و نحب أن نشير إلى أن ضعف الوازع الديني و عدم اللجوء إلى الله في الشدائد من العوامل الهامة في إحداث الإدمان ، ذلك أن الإنسان المتدين بعيد جداً عن جحيم الاعتياد عليها إذ لا يمكن أن تمتد يده إلى المخدر لا بيعاً و لا تداولاً و لا تهريباً ، لأن طريق المخدرات هو طريق الشيطان ، و لا يمكن لطريق الرحمن أن يلتقي بطريق الشيطان .و الفراغ عند المراهق الذي لا يقدر قيمة للوقت ، و قرناء السوء من العوامل الهامة في الإدمان .و نحن نرى أن غفلة المشرّع في بعض الدول بتخفيف العقوبات الجنائية عن المدمن في حالة ارتكابه لجريمة ما ، ساعد على انتشار المخدرات و المسكرات بشكل عام .أنواع المخدراتللمخدرات أنواع كثيرة و تصنيفات متعددة ، و هي حسب تأثيراتها يمكن أن تصنف في أربعة أقسام :أ _ مسببات الشهوة : مثل الأفيون و مشتقاته ، كالمورفين ، و الهيروئين ، و الكوكائين .ب _ المهلوسات : كالميسكالين ، , فطر البينول ، و القنب الهندي ، و فطر الأمانين ، و البلاذون ، و البنج .و كلا القسمين يجمعهما الدكتور محمود ناظم النسيمي تحت اسم المخدرات المكيفة .ج _ المخدرات الطبية العامة : و تطلق على مزيلات الألم و مانعات حدوثه سواء ما كان يحقن منها موضعياً _ المخدرات الموضعية _ لتمحو الألم الموضعي كالنوفوكائين ، و الليدوكائين ، و هي لا تحدث اعتياداً و لا تغيب العقل و منها ما يسمى بالمخدرات العامة التي يزيل حقنها أو استنشاقها حس الألم و بقية الأفعال الانعكاسية ، و يحدث فيها النوم و التخدير معاً ، و تطبق قبل الأعمال الجراحية _ مثل الإيثر ، و الكلورفورم ، و أول أوكسيد الآزوت ، و غيرها _ .و هناك زمرة تدعى بالمخدرات المنومة ، و هي منومات بمقاديرها الصغيرة ، و مخدرة بمقاديرها الكبيرة ، كالكلورال ، و البنتوتال . و كل المخدرات العامة الطبية تدخل عند الفقهاء تحت اسم المنومات و تأخذ حكمها .د _ المنومات " المرقدات " : كالباربيتوريات ، و البارالدهيد و غيرها .كما أن بعض الباحثين يقسمها إلى مخدرات كبرى و صغرى .و يعتبرون المخدرات الكبرى ذات الخطورة الكبيرة عند تعاطيها و الإدمان عليها كالأفيون و الحشيش و المارجوانا و الهيروئين و غيرها .أما المخدرات الضغرى فهي ذات خطورة أقل و تمثل جانباً _ من العقاقير المستخدمة حالياً _ في العلاج الطبي ، و تسبب الإدمان لمتعاطيها عند استخدامها لفترات طويلة كالمنبهات و المهدئات و المنومات ، و المسكنات و الكوكا و جوزة الطيب و غيرها .و أخطر هذه المخدرات ما يسبب اعتياداً نفسياً و عضوياً كالأفيون و مشتقاته ، كالمورفين ، و الهيروئين .و أقلها خطراً ما يسبب اعتياداً نفسياً فقط كالكوكائين و الأمفيتامين و القات و عقاقير الهلوسة .زمرة الأفيون و مشتقاته :الأفيون Opium : و هو من أخطر المخدرات ، يستحصل عليه بإجراء شقوق في ثمار الخشخاش غير الناضجة فيسيل على شكل عصارة تجمع و تجفف ، لها طعم مر ، و تدخل في تركيب عدد من العقاقير .و يتعاطى الأفيون ببلعه صرفاً أو مع الشاي أو القهوة . أو تدخيناً مع السجائر أو الشيشة .و يشعر متعاطيه في البدء بالتنبه و النشاط و قدرة على التخيل و الكلام ، لكن هذا لا يدوم طويلاً إذ تضطرب الحالة النفسية و يبطؤ التنفس و ينتهي به الأمر إلى النوم العميق أو السبات .و الأفيون إذا تعود عليه الشخص صار جزءاً من حياته ، و لا يستطيع جسمه أداء وظائفه دون تناول الجرعة المعتادة . و يشعر بآلام حادة إذا لم يحصل عليه و تتدهور صحته . و تضمر عضلات المدمن و تضعف ذاكرته و تقل شهيته للطعام و تحدث زرقة في العينين و بطء في التنفس و النبض ، و ينقص وزنه و ينخفض عنده التوتر الشرياني و حرارة البدن .المورفين : يستخلص من الأفيون الخام بتفكيكه في الماء ثم معاملته بالليمون و إضافة كلور الأمونيوم إلى المحلول ، فيترسب المورفين الذي يجفف على شكل مسحوق أبيض مصفر .و قد رحب به طبياً حين اكتشافه لأثره الكبير في تسكين الآلام ، ثم اكتشف خطره العظيم بإحداثه الإدمان و الاعتياد الجسمي و النفسي عند متعاطيه .يتعاطى المورفين إما حقناً تحت الجلد أو بلعاً مع الشاي أو القهوة ، أو تدخيناً مع التبغ . يشعر متعاطيه بالخفة و النشاط و الذي يتطور إلى رغبة عارمة في تعاطيه ، و من ثم يحصل ازدياد التحمل و زيادة الجرعة للحصول على نفس النشوة .و يؤدي إدمانه إلى سيلان الأنف و الإقياء المتكررة و القبض ، ثم إلى تشوش في الإدراك و ضعف عام و دوار و خفقان و جفاف الفم .و تحدث الجرعة الزائدة إحباطاً لمركز التنفس و هبوط الضغط الدموي و قد يحدث السبات الذي ينتهي بالوفاة .الهيروئين : أو الدياورفين مسحوق بللوري أبيض يستخلص من المورفين و هو مسكن قوي _ أكثر من المورفين بـ 5 _ 8 أضعاف _ و هو أغلى المخدرات ثمناً و أشدها اعتياداً و خطراً على الصحة العامة .يتعاطى الهيروئين بحقن محلوله تحت الجلد أو في الوريد مباشرة كما يمكن تدخينه مع التبغ أو استنشاقه سعوطاً .يشعر متعاطيه في البدء بالنشاط و الخفة و الحبور و يبدأ الاعتياد باستعماله المتكرر حيث يحتاج إلى كميات أكبر لإحداث نفس الأثر ، ثم لا يلبث المدمن أن يلهث للحصول عليه حيث لا سرور و لا انشراح سوى الحاجة إليه و للقضاء على الآلام المبرحة و تصلب العضلات و غيرها من آلام الانقطاع .و يصاب المدمن بضعف جسماني شديد و فقد للشهية و المعاناة من الأرق و الخوف الدائم الذي يطارده ، و من اختلاطات استعمال الحقن الملوثة كتجرثم الدم و التهاب الكبد الفيروسي و الإيدز اللعين ، و قد يحدث الموت نتيجة جرعة مفرطة .و زمرة الأفيون كلها بجرعاتها القليلة عمل كمثيرات جنسية لأنها تضعف موانع التصرف للإنسان محررة إياه من عوامل الكبت . كما أن الحقن الوريدي لهذه المواد يعطي إحساساً يشبه إحساس الارتواء الجنسي .أما عند الإدمان ، فقد أكدت الدراسات التأثيرات الضارة لهذه المواد على الوظيفة الجنسية ، إذ يصاب المدمنون بعدد من المشاكل الجنسية ، كتأخر القذف و العنانة أو فشل القذف ، و يشكو أكثرهم من ألم أثناء القذف ، ويصل معظمهم في النهاية إلى ضعف الشهوة الجنسية .لقد وصلت نسبة العنانة عند مدمني الهيروئين إلى 39 % . و من المؤكد أن المورفين يمنع إفراز الهرمون الملوتن L . H . و الإباضة و بالتالي إلى عقم المرأة المدمنة . و اضطرابات الطمث صفة واضحة عند مدمنات الأفيون و أشدها وضوحاً عند مدمنات المورفين و الهيروئين ، كما أن الإجهاضات العفوية شائعة عندهن . هذا علاوة على أن المولودين حديثاً من أمهات مدمنات يجدون صعوبة في التنفس لأثر هذه المواد المثبط على مركز التنفس و أثرها العام السيئ على الجهاز العصبي عند الوليد .زمرة القنب الهندي :الحشيش و الماريجوانا : و يستخرجان من نبات القنب الهندي الذي يزرع بشكل واسع في إيران و الهند و لبنان و تركيا و دول شرق آسيا .و ما الحشيشة سوى العصارة الصمغية التي تفرزها الأجزاء العليا النامية من النبات و في الأزهار ، أما الماريجوانا فهي مسحوق خليط الأوراق المثمرة و الأزهار .و كلاهما يتعاطى بالتدخين لوحدهما أو بعد مزجه بالتبغ . و قد تخلط مع الشاي أو مع أنواع من الحلويات .و يشعر متعاطي الحشيشة بالنشوة المصحوبة عادة بالضحك و القهقهة غير المبررة ، و تختل أحجام و أشكال المرئيات و المسافات ، و يمر الزمن ببطء شديد عنده و تختل ذاكرته بالنسبة للأحداث القريبة كما ينزلق الخيال مع ازدياد الجرعة ، فيخطئ في تفسير ما تدركه الحواس ، ثم تعتريه الهلوسات السمعية و البصرية . و له آثار مزعجة لمن يتعاطاه ابتداءً إذ قد يؤدي إلى فقدانهم السيطرة على النفس مع قلق شديد .و يتصف المدمن باحمرار عينيه و انخفاض ضغطه الدموي و تسرع دقات القلب ، و تتعطل خمائر الكبد مما يقلل في فعالية معظم الأدوية التي يتناولها المدمن . كما يتعرض المدمن لكل مخاطر التدخين التي ذكرناها في بحثها .أما أعراض الانقطاع المفاجئ فأهمها الشعور بالاكتئاب و القلق و رجفان الأطراف _ الرعشة _ و اضطراب النوم .و يمكن أن نلخص المضاعفات التي يمكن أن يتعرض لها المتعاطي على المدى البعيد :1. متلازمة انعدام الحوافز من كسل و بلادة و فقدان الطموح .2. المضاعفات العقلية من ضعف الذاكرة و التبلد الذهني و عدم القدرة على التركيز .3. التصاعد : قد يكون الحشيش أقل من غيره خطراً من المخدرات عندما يتعاطى لوحده ، لكن أكبر أخطاره : تصاعد ميول المتعاطي ليشاركه مع غيره من المخدرات كالهيروئين و الكوكائين و المنومات .4. الحشيش و الجريمة و العنف تتواجد دائماً مع بعضها حيث يفقد المدمن سيطرته على نفسه و يندفع إلى الجريمة و العنف .و لا غرابة إذ عرف علماؤنا المسلمون خصائص الحشيشة و وصفوها بدقة . انظر إلى ابن حجر الهيثمي إذ قال فيها :و في أكلها مائة و عشرين مضرة دينية و دنيوية : منها أنها تورث النسيان ، و موت الفجاءة ، و اختلال العقل ، و دوام الرعشة ، و تذهب الحياء و المروءة و عشاء العين و الفطنة ، و تقطع النسل ، و تجفف المني ، و تورث العنانة .أما ما يروجه متعاطوا الماريجوانا من أنها مثيرة للجنس ، فمن المحتمل أن يكون ذلك بسبب تأثيره على المراكز الدماغية العليا ، مما يقلل التحفظات على تصرفات الشخص أكثر من أنها مواد ذات إثارة جنسية .و قد يكون ذلك لأنها تشوه الإدراك في المحسوس الزمني مما يخيل لمتعاطيه أن القمة الجنسية طويلة نوعاً ما .و قد وجدت إحدى الدراسات الهامة أن إدمان الماريجوانا المديد يؤدي إلى تغيرات في قدرة الذكر الإنجابية . أجريت الدراسة على 20 رجلاً ، متوسط تعاطيهم لها 4 أيام في الأسبوع و لفترة استمرت سبعة أشهر .و قد تبين أن مستويات التستوسترون عندهم أقل بشكل واضح من الرجال الذين لا يتعاطونها ، و أن عدد النطف عندهم أقل بمقدار النصف . . . ز كلما زاد تدخين الماريجوانا نقص الهرمون المذكر ، و قل عدد النطف ، كما أصيب اثنان منهم بالعنانة . شفي أحدهم بعد انقطاعه التام عن تعاطيها ، و يكثر ظهور العنانة عند مشاركة المتعاطين الماريجوانا مع الخمور أو غيرها من المخدرات .و أثبتت الأبحاث الحديثة أن للقنب و مشتقاته حب للدسم و أنها تتركز في البدن في النسج الشحمية و منها الخصيتان و المبيضان .كما ينسب لهذه المواد تشوهات صبغية يمكن أن تؤدي إلى تخرب وراثي . و قد تبين أن الخلايا اللمفاوية المزروعة و المأخوذة من مدمني الماريجوانا هي خلايا مشوهة .و هكذا فإن كاراكوشانسكي و زملاؤه يؤكدون أن مادة تتراهدروكانيبول التي يحتويها دخان الحشيشة تثبط صناعة البروتين في الخلية كما تثبط انقسام الحمضين النوويين DNA و RNA و هذا يؤدي بدوره إلى إمكانية حدوث تشوه في الأجنة و إلى الإجهاض عند الحمل .كما ثبت أن للحشيش تأثيراً على المنظمات الهرمونية و إمكانية إصابة المدمن عليه بالعنانة و العقم المؤقت .القات Catha :أدرجت منظمة الصحة العالمية " القات " ضمن المواد المخدرة ، و هو عبارة عن شجيرات دائمة الخضرة ، موطنها الأصلي الحبشة ، و قد نقلها الأحباش إلى اليمن عند احتلالهم لها في القرن السادس الميلادي .و انتشرت زراعته في الجنوب العربي ، حيث أصبح المواطن اليمني و الحضرمي أسير أوراقها اللامعة ، يملأ بها فمه يمضغها في كل مكان مضغاً بطيئاً يتم معه استخلاص عصارة النبات المرة القلوية و ارتشافها مع الماء بلذة زائدة .تعاطي القات يؤدي إلى الشعور بالخفة و النشاط و الثرثرة مع تهيج و أرق و استمرار تعاطيه يدخل صاحبه في زمرة الإدمان النفسي الذي يتميز بالحاجة الملحة للحصول عليه .و يتظاهر عنده باتساع حدقة العين و تسرع القلب و ارتفاع الضغط الدموي و صداع و احتقان الملتحمة و الضعف الجنسي الذي ينتهي بالعنانة .و له تأثيرات عصبية نفسية منها زيادة توتر العصبي النفسي مع زيادة في الحركة و الميل إلى العنف يرافقها تصرفات لا إرادية و المقادير الكبيرة منه تؤدي إلى الهلوسة و جنون العظمة و الهيجان العصبي .المنبهات _ المثيرات _ Stimulants :و هي مخدرات تعمل بآلية تنبيه الجهاز العصبي المركزي لأنها تنتج الطاقة و تعطي القوة لمتعاطيها حتى و لو كان يشعر بالتعب و الفتور و تولد الشعور بالنشاط و الإثارة و تمكنه من البقاء يقظاً و متحفزاً من دون نوم لفترات طويلة . لكن استعمالها المديد يولد اعتياداً نفسياً خطيراً دون أن يحدث اعتياد جسدي .الكوكائين :استخرج من نبات الكوكا لأول مرة منذ حوالي مائة سنة و هو منبه قوي و مخدر موضعي فعال . و أكثر ما يتعاطى نشوقاً حيث يمتص من الأغشية المخاطية للأنف ليصل مباشرة إلى الدم لذا فإن شمه المستمر قد يؤدي إلى تقرحات في تلك الأغشية ثم إلى انثقاب الجدار بين المنخرين .كما يتعاطى حقناً تحت الجلد و يمكن أن تحدث نخوراً سريعة فيه و تقرحات مؤلمة ، كما قد يتعاطى بتدخين عجينة الكوكا .يسبب تعاطيه لفترة قصيرة قدراً من الشعور العارم بالابتهاج و النشاط ، و قد يتبع ذلك شعور بالاهتياج و القلق أو الخوف حتى الهلوسة .و تسبب جرعاته الكبيرة عدم النوم و الرجفان و التشنجات و أوهام الارتياب التي تقود إلى سلوك شاذ و عنيف . و يضطرب التنفس و الهضم ، مع الإحساس بوجود حشرات تزحف تحت الجلد ، و تتسع حدقة العين و يرتفع النبض و الضغط الدموي علاوة على حدوث اعتياد نفسي شديد ، و قد يؤدي إلى الموت المفاجئ .و الخطر الأكبر من تدخينه صافياً إمكانية حدوث اعتياد جسدي مع الخطر المتنامي من إشراكه مع الهيروئين ، حيث يؤدي إلى إدمان مزدوج خطر للغاية .و الكوكائين بمقاديره القليلة يزيد الرغبة الجنسية و القدرة على الجماع و يؤخر القذف عند الرجل ، و هذا ناجم غالباً عن أنه يشوه و يحرف الإدراك الزمني .و حقنه الوريدي يؤدي إلى نشوة عارمة ، لكن إدمانه يؤدي على العكس ، إلى فقدان كامل للاهتمامات الجنسية .الأمفيتامين :عقار صنع في ألمانية عام 1880 و اعتبر دواءً آمناً ذا قيمة طبية جيدة إلا أنه ثبت أن استعماله المديد يعرض لمخاطر الاعتياد .يحدث لمتعاطيه شعور بالنشوة و النشاط و فقد النعاس و حصوله على طاقة كبيرة لبضع ساعات حيث يبدو بعدها منهكاً مع إحباط و عدم القدرة على التركيز و الشعور بنوع من المضايقة قد يدفعه إلى العنف .و إدمانه يؤدي إلى خفقان و جفاف الفم و أرق و عدم القدرة على الاسترخاء ، ثم تتسع الحدقة و يتسرع النبض و يرتفع الضغط مع إمكانية حصول حصار قلبي و غثيان . و فرط الجرعة يؤدي إلى حدوث غشي و رجفان و اختلاج قد يؤدي إلى الموت .و هو مثير للجهاز العصبي و يزيد الشعور الجنسي بمقاديره القليلة عند الجنسين ، لكن لإدمانه يؤدي إلى فقد الاهتمام الجنسي ، و طلب الحصول على العقار من أجل العقار ، كما أنه يؤدي إلى الضعف الجنسي .و إن تناوله من قبل المضطربين جنسياً يقود إلى الاستنماء القسري و إلى الشذوذ الجنسي و خاصة فإن النساء المدمنات يطلبن الجماع إلى حد الدعارة و إلى الشذوذ المتصف بالتعري أمام الناس و إلى السادية أحياناً .المخدرات المهلوسة :المهلوسات مواد تقلب الوضع النفسي و تجعل الإنسان عاجزاً عن مقاومته الخيال و اللامعقول . و يختلف تأثيرها حسب شخصية المتعاطي و كمية المخدر المتناول .ففي بدء تناولها يشعر الشخص بوهن و غثيان و دوار خفيف و شحوب . ثم يبدأ الدور الفعال بحدوث أهلاس بصرية حيث تبدو أمامه الألوان زاهية براقة . و إذا أغمض عينيه شاهد عرضاً لمشاهد غريبة من صور لا معقولة و مناظر خلابة .كما يصاب بأهلاس سمعية لأصوات و موسيقى غريبة و يفقد الشعور بالزمن و المسافات ، وأخيراً يشعر بارتخاء القدمين و تشنج في الوجه ثم إلى ذبول و خمول .من هذه المخدرات قديم جداً كفطر الأمانينا ماسكاريا الذي استعمله الهندوس القدامى و كهنة الإغريق ، و فطر الزايلوسايين الشائع في أمريكا الجنوبية ، و الميسكالين و هو خلاصة صبار البيوتي الذي استعمله الهنود الحمر في طقوسهم .و عرف العرب جوزة الطيب Nut Meg و هي نبات يزرع في الهند و يستخدم المتعاطي ثمارها باستحلابها ضمن فمه أو تذاب مع الشاي أو تستخدم نشوقاً . و تؤدي إلى ما ذكرناه من أعراض الهلوسة مع الإدمان .و منها البنج _ السيكران _ و هو نبات شديد الخضرة ذكره ابن حجر الهيثمي و بين أن تعاطيه كبيرة و فسق كالخمر لاشتراكه معها في إزالة العقل .و أخطر المهلوسات المصنعة ما يسمى بالـ L . SD الذي يستخرج من فطر الجودر Ergot ، استخدم كعلاج في الاضطرابات النفسية ، لكن مضاعفاته الخطيرة منعت استعماله الطبي .يتعاطى عن طريق الفم و الحقن الوريدي و يؤدي إلى ارتفاع الضغط و سرعة النبض و الغثيان و رجفة اليدين و الأقياء .و إدمانه يؤدي إلى ظهور الهلوسات البصرية ، و تتغير المرئيات و تختلط الحواس ، و قد يصاب بالفزع الشديد المؤدي إلى الانتحار . و من اختلاطاته الهذيان و الشعور بالاضطهاد ، كما أنه يؤدي إلى عطب صبغيات نواة الخلايا و إلى تشوء الأجنة عند المدمنات الحوامل . و قد تؤدي إلى الفصام عند المستعدين .المنومات _ المرقدات _ :المنومات أدوية تعمل بقدرتها الخافضة للجهاز العصبي المركزي فتؤدي إلى تهدئة الشخص و تنويمه و قد تسبب بعض المنومات اعتياداً نفسياً عليها و خاصة الباربيتوريات .و إن فرط الجرعة ، أو الاستمرار عليها لفترة طويلة قد يحدث انسماماً شبيهاً بالانسمام الغولي دون حدوث احتقان في الوجه أو احمرار في الملتحمة ، لكن يظهر اختلاط عقلي من صعوبة في التفكير و اختلاط ذهني ، و عدم استقرار عاطفي و اضطراب نفساني سمي . كما أن فرط الجرعة يؤدي إلى الارتعاش و ازدياد النبض و الغثيان و الدوار و قد يؤدي إلى هلوسات شديدة و إلى أضرار دماغية مميتة .إن خطر الاعتياد على المنومات يجب أن يحذره كل من المريض و الطبيب الممارس على السواء ، إذ إنها تشكل مشكلة طبية و اجتماعية خطيرة ، فيجب ألا تصرف إلا بوصفة طبية و لفترات محدودة .و المنومات بجرعاتها الصغيرة المحدودة تفيد لمعالجة حالات القلق و الخوف ، كما أن لها تأثيراً مؤقتاً محرراً للتصرف الجنسي من الكبت ، فيمكن أن تحسن في القيام بالوظيفة الجنسية . غير أن فرط الجرعة تخمد كافة التصرفات الشخصية بما فيها الجنس ، و يزداد خطرها عند مشاركتها مع الغول أو غيرها من المخدرات .و يعرف الفقهاء المرقدات بأنها ما غيب الحس و العقل معاً . و إذا كان الفقهاء يقصدون بها كل المنومات سواء استيقظ النائم بهزة اليد أم لا ، فإنها بذلك تشمل كل ما سبق و ذكرناه من المخدرات الطبية و المنومات و المسكنات المنومة .و الأصح _ و الله أعلم _ كما يقول الدكتور محمود ناظم النسيمي أن المرقدات بعرف الفقهاء : هي التي لا يستيقظ النائم بها بهزة اليد ، لفقد الحس والوعي ، و بذا تشمل فقط المخدرات الطبية و المنومات المخدرة _ بمقاديرها الكبيرة _ و بعض المسكنات المنومة كالأفيون .و بهذا المقصود فإن المنومات التي ذكرناها في المصطلح الطبي اليوم لا تدخل ضمن حكم تناول المرقدات إذا تم تناولها بالمقدار الدوائي العادي و بوصفة طبيب عدل ، لأنها لا تشوش العقل و الحواس و يستيقظ النائم بها بهزة اليد .لكن يكره _ كما يقول الدكتور محمود ناظم النسيمي _ الاستمرار عليها لفترة طويلة خشية حصول الاعتياد عليها .المذيبات الطيارة :مجموعة من المواد أدرجتها منظمة الصحة العالمية عام 1973 مع المواد التي تسبب الإدمان ، و كلها تستعمل بكثرة في الاستعمالات المنزلية ، و تحتوي على فحوم مائية متطايرة : كالتولوبن ، و البنزين ، و ثري كلور إيتلين ، و الغراء ، و مزيل طلاء الأظافر و سوائل التنظيف .يتم تعاطيها باستنشاق أبخرتها بعد غمس قطعة من القماش في السائل . ثم يتم استنشاقها مراراً حتى الحصول على حالة السكر ، و قد يؤدي إلى الدوار و الاسترخاء و الهلوسات البصرية و الغثيان و القيء ، و يشعر بالنعاس مع شعور غريب يشبه الحلم .يسبب إدمانها عطب القلب و الكبد كما يتعطل نخاع العظم الصانع للكريات الحمر فيؤدي إلى فقر دم شديد ، بالإضافة إلى عطب المخ المؤدي إلى الخرف .و من أخطارها : الانتحار و الموت المفاجئ لتوقف التنفس أو تقلص القلب و تدفع صاحبها إلى جرائم العنف و حوادث السيارات .مركبات النتريت :و أهمها Amyl Nitrite الذي استخدم كمقو عام و منشط للجنس ، ثم استخدم مشتقه البوتيلي من أجل الكيف .و تباع على شكل أمبولات تكسر و يستنشق محتواها الذي يؤدي إلى استرخاء العضلات الملس و توسع وعائي محيطي و انخفاض الضغط .يؤدي تعاطيها إلى شعور بالخفة و فقد الموانع الاجتماعية و إلى تشويه في إدراك الوقت و الأحاسيس الجلدية .و اكثر ما يتعاطاها الشاذون جنسياً إذ تؤخر القذف و الذروة الجنسية . و إدمانها يؤدي إلى الصداع و الغثيان و تخريش الأنف كما ذكرت حوادث من الموت الفجائي بالوهط القلبي . كما أثبتت دراسات حديثة زيادة ظهور داء كابوزي الخبيث و نقص المناعة المكتسبة _ الإيدز _ بين المدمنين .آثار المخدراتإن المدمن على المخدرات هو قتيل بين الأحياء ، لكن روحه لا تزال متعلقة بجسده تتنازعه البقاء . و هو شبح هزيل ، نحيل ، شبه مشلول ، فقد صحته ، و انحدرت نفسه .الآثار الدينية :المخدرات مضيعة للوقت ، مذهبة للعقل ، تدخل صاحبها في غيبوبة تمنعه من أداء صلواته و تحقيق عبادته ، و تنافي اليقظة الدائمة التي يفرضها الإسلام على قلب المسلم .كما أن سيطرتها على عقله تجره لارتكاب كل محرم : من قتل ، و سرقة ، و بذل عرض ، وسواها .الآثار الاجتماعية :يتنامى تدهور صحة المدمن حتى يصبح عاطلاً عن العمل ، و هو عضو غير منتج في المجتمع ، يميل إلى ارتكاب الجرائم ، غير متحمل لمسؤوليته كراع في أسرته ، ينفق موارده لتحصيل ما يتوهم فيه اللذة من مخدر تاركاً أفراد أسرته دون طعام و لا كساء ، مما يؤدي إلى كثرة حدوث الطلاق في تلك العائلات ، كما تكثر ولادة أطفال مشوهي الخلقة ، ضعيفي البنية في أوساط المدمنين .و عندما يعجز المدمن عن تأمين المخدر بالطرق المتاحة كثيراً ما يلجأ لإجبار زوجته أو ابنته على البغاء . فانتشار المخدرات علامة على الرذيلة بكل صورها .الآثار الاقتصادية :علاوة على أن المدمن إنسان غير منتج ، فإنه يلحق بمجتمعه خسارة كبرى في الإنفاق على علاجه من الأمراض التي ينتجها الإدمان ، و على إنشاء مصحات لعلاج آفة الإدمان بالذات ، و على الأجهزة الأمنية المكلفة بمكافحة المخدرات ، و ملاحقة الاتجار بها و المهربين لها . ثم إن أسعار المخدرات الباهظة تستنزف الدخل القومي ، لتجتمع في أيدي قلة من الناس تعمل لحساب جهات إجرامية مكن المافيا و سواها .الآثار الصحية و النفسية :لكل مخدر أثره الخاص على العضوية ، ذكرنا في أول البحث و سنلخص هنا الآثار المدمرة التي تشترك بها كافة المخدرات _ المكيفة _ [ من أراد التفصيل فليرجع إلى كتاب الزميل الدكتور محمد علي البار و عنوانه " المخدرات الخطر الداهم " ] .فالإدمان يؤدي إلى ضمور قشرة الدماغ التي تتحكم في التفكير و الإرادة . و تؤكد الأبحاث الطبية أن تعاطي المخدرات _ و لو بدون إدمان _ يؤدي إلى نقص في القدرات العقلية و إلى إصابة خلايا المخيخ بالضمور ، مما يخل بقدرة الشخص على الوقوف من غير ترنح .أما انحلال نخاع القنطرة الوسطى عند المدمن فيؤدي إلى شلل النصف السفلي من الجسم . كما يصاب المدمن بنوبات من الهذيان و الارتعاش و فقدان الوعي ، و تتليف كبده ، و تضخم طحاله كثيراً ، و يصاب بالتهاب الأعصاب المتعددة ، و منها العصب البصري ، المفضي إلى العمى و إلى التهاب مزمن في البلعوم و المريء ، قد يفضيان إلى سرطان المريء .و القيء المتكرر ، و فقدان الشهية يؤديان بالمدمن إلى الهزال الشديد ، كما أن المخدرات تهيج الأغشية المخاطية للأمعاء و المعدة و إلى احتقانهما و تقرحاتهما . و ما ينجم عن ذلك من نوبات إسهال و إمساك و سوء هضم مع سوء امتصاص للغذاء يزيد الطين بلة .و كل المخدرات ، يدعي متعاطوها أنها مثيرة جنسياً و أنها تزيد في متعتهم ، غير أن الباحثين يؤكدون أن الإدمان في خاتمة المطاف يؤدي إلى العجز الجنسي و العنانة الكاملة عند الرجل ، و إلى البرود الجنسي عند المرأة .من أبرز أضرار المخدرات النفسية الشعور بالاضطهاد و الكآبة و التوتر العصبي النفسي و حدوث أهلاس سمعية و بصرية مثل سماع أصوات و رؤية أشياء لا وجود لها ، و تخيلات قد تؤدي إلى الخوف فالجنون أو الانتحار ، كما يحدث اضطراب في تقدير الزمان و المكان مما ينتج عنه أحكام خاطئة و ضعف في التركيز . مما يقلل من تفاعل المدمن مع محيطه بحيث لا يسعده شيء سعادته بالحصول على المخدر ….هل المخدرات مسكرة أم لا ؟ …هناك صفات مشتركة بين الخمر و المخدرات ، فكلاهما يحدث نشوة و طرباً بادئ ذي بدء ، ثم إنها تشترك في تخدير العقل و إحداث فتور عام في البدن و ما يتصل بذلك من الشعور بتخيلات فاسدة غير حقيقية قد يترتب عليها بعض الجنايات .و قد اختلف الفقهاء رحمهم الله ، في تصنيف هذه المخدرات ، هل هي مواد مسكرة تلحق بالخمر ، أم هي مواد مخدرة قائمة بذاتها و لا تلحق بالمسكرات ؟و لهم في ذلك قولان مشهوران :القول الأول :أن هذه المواد مسكرة و هي ضرب من الخمر ، و يجب أن يطبق على متناولها ما يطبق من أحكام على شارب الخمر لاشتراكهما في علة التحريم و هي الإسكار .و من هؤلاء من يرى أن التخدير الذي يلحق بالأطراف و الحواس لمتناول هذه المواد هو من جملة آثارها السيئة التي تجعلها أكثر شراً و أعظم ضرراً من الخمر .و ممن قال بهذا الرأي الحافظ ابن حجر العسقلاني و الإمام النووي و ابن حزم و ابن حجر الهيثمي و ابن عابدين في حاشيته .و أما شيخ الإسلام ابن تيمية فيقول في فتاويه : و أما الحشيشة الملعونة المسكرة فهي بمنزلة غيرها من المسكرات ، و هي من أعظم المنكرات و هي شر من الشراب المسكر من بعض الوجوه ، و المسكر شر منها من وجه آخر ، فإنها مع أنها تسكر آكلها حتى يبقى مصطولاً ، فهي تورث التخنيث و الديوثة و تفسد المزاج .و يقول الإمام الزركشي في الحشيشة : و الذي أجمع عليه الأطباء و العلماء بأحوال النبات بأنها مسكرة .أما الإمام ابن قيم الجوزية فيقول : و اللقمة الملعونة _ الحشيش _ لقمة الفسق التي تحرك القلب الساكن إلى أخبث الأماكن فإن هذا كله خمر بنص رسول الله الصريح : " كل مسكر حرام " و صح عن أصحابه ، الذين هم أعلم الأمة بخطابه أن الخمر ما خامر العقل .القول الثاني :أن هذه المواد مخدرة _ مفترة _ و ليست مسكرة ، و ممن قال بهذا الرأي الإمام القرافي من المالكية و الدسوقي و غيرهم . حيث قالوا أن عطف المفتر على المسكر يقتضي المغايرة و للمسكر حكمه و للمفتر حكمه.أما الدكتور محمود ناظم النسيمي فيقول : أن المفتر الذي ورد النهي عنه هو الذي يسبب النشوة الحادثة قبل عوارض السكر الواضحة ، و هذا موجود في المسكرات و في المخدرات المكيفة ، فيكون ذكر المفتر بعد المسكر من ذكر العام بعد الخاص .و يضيف الدكتور محمود ناظم النسيمي أن لبعض الأدوية النفسية فعلاً مرخياً للعضلات ، و أن لأدوية الانحلال العصبي فعل مثبط للحركة ، و أن المنومات تعطي كسلاً و ميلاً للنوم ، فتدخل بهذا العموم تحت اسم المفتر و تصبح بذلك محرمة لا يجوز تناولها إلا للضرورة .و يقع حرج كبير للأطباء في مداواة الأمراض العصبية و النفسية ، و أميل _ و الله أعلم _ لعدم دخولها في المفتر المنهي عنه لعدم وجود النشوة لدى تناولها ….تحريم تعاطي المخدرات و أدلته :ذهب فقهاء المذاهب الأربعة و الظاهرية و الإمامية إلى تحريم تعاطي المخدرات _ المكيفة _ قليلها و كثيرها لضررها و إفسادها العقل .و أجازوا تناول القليل من أجل المداواة لا للهو لأن حرمتها ليست لعينها بل لضررها [ عن الموسوعة الفقهية الكويتية ] .قال ابن عابدين في حاشيته : …. و إلا فالحرمة عند قصد اللهو _ المتعة و اللذة _ ليست محل خلاف بل متفق عليها .و قال ابن تيمية : هذه الحشيشة الملعونة حرام سواءً سكر بها أم لم يسكر ..فإذا تناول شخص من هذه المخدرات لغير قصد دوائي ضروري عوقب شرعاً العقوبة التعزيرية التي يراها القاضي محققة للزجر و الردع .و قال ابن تيمية : يجلد متعاطي الحشيشة كما يجلد شارب الخمر لأنها أخبث من الخمر من جهة أنها تفسد العقل و المزاج حتى يصير الرجل في خناثو و دياثة ، و كلاهما يصد عن ذكر الله و عن الصلاة ، و مذهب الإمامية إلحاق الحشيشة بالمسكرات في وجوب الحد على متعاطيها .و المختلف فيه حكم التداوي بها فيما لو أشار طبيب ذو مهارة في الطب و ثقة في الدين بتناول قدر يسير من المخدرات بقصد العلاج :فمن يرى أنها مسكرة و يعطيها حكم الخمر حرم التداوي بها ، بهذا يقول ابن تيمية و ابن القيم . كما أن ابن حجر الهيثمي يقول : و إذا ثبت أن هذه المخدرات مسكرة فاستعمالها كبيرة و فسق كالخمر .و كل ما جاء في وعيد شاربها يأتي في هذه المذكورات لاشتراكهما في إزالة العقل ، المقصود للشارع بقاؤه لأنه آلة الفهم عن الله و رسوله و المتميز به الإنسان عن الحيوان .و ذهب أكثر الفقهاء إلى جواز التداوي بالمخدرات ، و بالمقدار الدوائي اليسير الذي يحدده طبيب حاذق بدينه و أمانته ، و من هؤلاء الإمام النووي و ابن عابدين و الزركشي و القرافي و الدسوقي و سواهم ، و الذي يرجحه الدكتور محمود ناظم النسيمي .أما الدكتور عبد الله الطيار فيرجح حرمة تعاطي المخدرات من كل وجه ، ملكها و شراؤها و بيعها و التداوي بها ، إلا في حالات الضرورة و بالحدود الضيقة ، و بعد استنفاد كل الوسائل المباحة .أما المخدرات العامة الطبية ، فلا يلجأ إليها أصلاً إلا لضرورة طبية و للأعمال الجراحية حصراً ، و الضرورات تبيح المحظورات . و قد يلجأ إليها بدافع إجرامي فيكون الفعل و الدافع محرمين .أما تعاطيها بغير مقصد طبي فذلك محرم قطعاً لأنها تغيب العقل و الحواس و لا يستيقظ المخدر بها قبل إطراحها من الجسم .أدلة التحريم :لا يوجد نص صريح في القرآن الكريم أو السنة المطهرة على تحريم تعاطي المخدرات ، لأنها لم تكن معروفة في عصر التنزيل إنما جاءت الشريعة الغراء بنصوص عامة تبين للأمة المسلمة و إلى يوم القيامة ما يضرها و ما ينفعها ضمن قواعد ثابتة يؤيدها العلم و العقل .1. تحريم الخبائث : قال تعالى :{ الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة و الإنجيل يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر ، و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث } [ سورة الأعراف : الآية 157 ] .فالقاعدة الكلية في الشريعة تحريم الخبائث و إباحة الطيبات ، و لا يوجد عاقل يقول أن المخدرات من الطيب المباح لما لها من الأضرار الخطيرة التي لا تخفى على أحد ، و قد حرمتها كل الأمم في قوانينها الوضعية . فهي قطعاً من الخبائث ، و أي خبيث أعظم مما يفسد العقول التي جاءت الشريعة لحفظها .2. تحريم المسكرات : يستدل العلماء بنصوص تحريم الخمر على تحريم المخدرات ، فالخمر هي ما خامر العقل ، أي ستره و غطاه ، و هذا المعنى موجود على أشده في المخدرات .عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " كل مسكر خمر ، و كل خمر حرام " [ متفق عليه ] .و عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ما أسكر كثيره فقليله حرام " [ رواه أبو داود و النسائي ، و قال النووي : حديث حسن غريب ] .و عن ام سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن كل مسكر و مفتر . [ رواه أحمد و أبو داود ، و صححه السيوطي ، و قال المناوي عن الزين العراقي أن إسناده صحيح ] .يقول ابن حجر العسقلاني في فتح الباري : و استدل بمطلق قوله صلى الله عليه و سلم " كل مسكر حرام " على تحريم ما يسكر و لو لم يكن شراباً فيدخل في ذلك الحشيشة .قال ابن حجر الهيثمي : و حكى القرافي و ابن تيمية الإجماع على تحريم الحشيشة قال و من استحلها فقد كفر .و قال الذهبي في كتابه الكبائر : و بكل حال فالحشيشة داخلة فيما حرم الله و رسوله من الخمر المسكر لفظاً و معنىً .3. ذكرنا ما ثبت طبياً من أن المخدرات تؤدي إلى ضياع العقل و الصحة و قد تؤدي إلى الهلاك و الموت ، و من هذا يتبين أن تعاطي المخدرات اعتداءً على الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة لحفظها . قال تعالى :{ و لا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً } [ سورة النساء : الآية 29 ] .و قال أيضاً : { و لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } [ سورة البقرة : الآية 195 ] .و عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لا ضرر و لا ضرار " [ رواه الدارقطني و الحاكم و البيهقي ، و قال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ، و قال النووي : حديث حسن ] .4. تعاطي المخدرات يصد عن ذكر الله و عن الصلاة كالخمر تماماً ، بل هي أولى لأنها مع ستر العقل : تورث الخدر و الوهن و النحول و الاستكانة و الضعف ، كما أنها تدفع متعاطيها لارتكاب الجرائم ، لأنه يستميت للحصول عليها و لو اضطر للنهب و السلب و القتل .حكم زراعتها و الاتجار بها :إن زراعة المخدرات و الاتجار بها حرام ، مهما كانت الدوافع إلى ذلك ، لما فيها من الضرر الكبير على الفرد و المجتمع ، و من تعاون على الإثم و العدوان ، و نشر الرذيلة و إشاعة الجريمة .فقد صح في السنة تحريم بيع الخمر فيما رواه جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ‘ن الله حرم بيع الخمر و الميتة و الخنزير و الأصنام " [ رواه البخاري و مسلم ] .و جاءت نصوص تؤكد أن ما حرم الله الانتفاع به حرم بيعه و أكل ثمنه .عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " قاتل الله اليهود ، حرم الله عليهم الشحوم فباعوها و أكلوا ثمنها " [ رواه الشيخان ] .و إن في زراعة المخدرات إعانة على المعصية بترويج المخدرات و نشرها في المجتمع و فيها رضاً من الزارع بتعاطي الناس لها و الرضا بالمعصية معصية كما هو معلوم .قال ابن قيم الجوزية : فأما تحريم بيع الخمر فيدخل فيه تحريم بيع كل مسكر ، مائعاً كان أو جامداً ….. و اللقمة الملعونة _ الحشيشة _ فإن هذا كله خمر بنص رسول الله صلى الله عليه و سلم الصحيح الصريح الذي لا مطعن في سنده و لا إجمال في متنه
http://www.science4islam.com/
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد : فمن منطلق المحبة والوداد أبعث هذه الرسالة التي كتبتها بمداد الحب ، وسطرتها بمداد الإخاء ..إنها رسالة خرجت من القلب لتصل إلى القلب ..منبعها الصدق ، ودافعها المحبة ، وباعثها الخوف عليك من عقوبة الله وناره ، وجحيمه وأغلاله .
أخي في الله : إن المقهى ..هو موضوع حديثي معك ..فدعنا نتحاور بصدق ..ونتكلم بتجرد ..ونتناقش بهدوء .. وإني لأرجو حينما تقرأ هذه الكلمات ..أن ترتفع بنفسك ، وتسمو بروحك ، وتزهو بأخلاقك ، وتعتز بإيمانك ، و تتذكر عظيم المسؤولية الملقاة على عاتقك.
أيها الأخ الحبيب : إن الذين أنشأوا هذه المقاهي وصرفوا عليها الأموال الضخمة ..إنما خططوا بعناية فائقة .. استغلال غريزتك المتأججة ، وشهوتك المستعرة ..فقدموا لك أنواعا من المحرمات ..وأشكالاً من المخالفات ..بدءاً من الشيشة والمعسل ..التي تصنع من الفواكه التي قد تعطنت وتلفت والتي تسبب لك الأمراض المتنوعة ..والأوجاع المتعددة..وانتهاءاً بمختلف القنوات الفضائية التي تعرض لك كل محرم ..وتقدم لك كل جديد في عالم الرذيلة والفاحشة ..ثم بعد ذلك لا يبالون أفي جنة أنت أم في نار ؟ المهم أن تدفع لهم وتساهم في نماء ثرواتهم وتضخم أرصدتهم ..أما ماذا سيجري لك عندما تلاقي ربك ..في موقف القيامة الرهيب ..فلا يهمهم هذا ولا يعينهم من قريب أو بعيد .
استمع وفقك الله إلى حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم وهو يحذرك من أمثال هؤلاء بقوله : "دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها" .
أتدري من هم هؤلاء الدعاة الذين وقفوا على أبواب جهنم ..إنهم أصحاب المقاهي ..نعم أصحاب المقاهي !! أليس فيما يعرضونه من الأفلام والمشاهد الفاضحة عبر عشرات القنوات السافلة ..دعوة صريحة لك بأن تمارس الفاحشة ؟ وتبحث عن متنفس لتفريغ الشهوة في الحرام ؟ أليس فيما يعرضونه من لقطات وصور ومقاطع إباحية جنسية تشجيع لك في تعاطي الزنى والوقوع في حبائل الرذيلة ؟
إذاً استيقظ من رقدتك..واستفق من سباتك..وتنبه إلى أولئك المجرمين..وما يدبرونه في جنح الظلام!
إن الذين أنشأوا المقاهي يهدفون إلى الثراء الفاحش..ثم لا يعنيهم ماذا يجري لك بعد ذلك !! إنهم أنانيوا الطباع ..لئام النفوس ..لا هم لهم إلا المال والمال فقط !!
أخي زائر المقهى : كم هي الأوقات الثمينة التي تمضي بلا فائدة في تلك المقاهي ..ألم تدرك بعد أن حياتك محدودة ..وأنفاسك معدودة ..فمن يفرط في حياته وعمره !؟
وهل يليق بشاب ينتسب لأمة خلقت لقيادة البشرية بأسرها ! ووجدت لتكون شاهدة على الناس كلهم ؟ أن يعيش عيش الفارغين ؟!!هل يليق بشاب ينتمي لأمة شرفت بحمل أعظم رسالة ! وحملت أثقل أمانة ! أن يحيا حياة المهملين ؟!!
إننا يا شباب أبناء قوم كانوا على أوقاتهم أشد حرصا على الدينار والدرهم ، هذا ابن مسعود رضي الله عنه يقول : ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت فيه شمسه ، نقص فيه أجلي ، ولم يزد فيه عملي .
وهذا الإمام أبو يوسف القاضي يعقوب بن إبراهيم يُباحث وهو في النـزع الأخير من حياته بعض عُوَّاده في مسألة فقهية ، رجاء النفع بها لمستفيد أو متعلم ولا يخلي اللحظة الأخيرة من لحظات حياته من كسبها في مذاكرة علم وإفادة واستفادة !!
لقد كان أسلافنا الأوائل يُسابقون الساعات ، ويبادرون اللحظات ، ضناً منهم بالوقت ، وحرصاً على أن لا يذهب منهم هدراً .ولقد أورث ذلك نتائج أشبه بالمعجزات ، وإذا بالإنجازات قريبة من الخيال ، فحسبك منها حركة الفتوحات التي كانت على قدم وساق وخيول المسلمين التي أزكم أنوفها غبار المعارك وأعلى صهيلها الكر و الفر ، فضلاً عن خطوات في تربية وإعداد النشء الجديد ناهيك عن وثبة بعيدة المدى في التصنيف والتأليف والابتكار هكذا كانت أحوالهم يوم عرفوا قيمة الزمن ، وهكذا كانت إنجازاتهم يوم اتسعت مداركهم ونضجت عقولهم .
وإذا كان هذا تاريخ أسلافنا الأوائل وهكذا كانوا ..فإننا مطالبون بالإقتداء بهم ، وذلك باستثمار كل دقيقة وثانية من عمر الزمن نتقرب فيها إلى الله جل جلاله ونسابق إلى جنته و موعوده من خلال تربية ذواتنا ، وإعدادها حتى تكون قادرة على العطاء بلا حدود ..
البدائل عن تلك المقاهي
أخي زائر المقهى : إن البدائل عن تلك المقاهي ونحوها متاحة ، والمجالات مفتوحة لاستثمار الوقت ، وشغل الفراغ ..ولكني أنبه إلى ذلك الخطأ الفادح والأمر المشين وهو مطالبة المسلم دائما بالبدائل في كل شيء منع منه ..مع أن الواجب على المسلم أن يقول سمعنا وأطعنا (( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ )) [النور :51]هذا هو الأصل بالمؤمن فيما جاءه عن الله ورسوله من الأوامر والنواهي ، المبادرة والسمع والطاعة ،ولذلك يخاطب الله تعالى عبادة المؤمنين بأجل الأسماء وأحبها إليهم لاستجاشة قلوبهم : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ )) [الأنفال:24].
وهكذا كان الجيل الفريد ..أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من الاستجابة الحية لأوامر الله ورسوله بدون تردد ولا تلكع .. فهاهم لما نزلت آيات الخمر في تحريمه ، لم يحتج الأمر إلى أكثر من مناد في نوادي المدينة : " ألا إن الخمر قد حرمت " فمن كان في يده كأس حطمها ، ومن كان في فمه جرعة مجها،وشقت زقاق الخمر وكسرت قنانيه ..وانتهى الأمر كأن لم يكن سكر ولا خمر .. إذا لماذا كلما ذكرنا أمرا محرما طالبنا الشباب بقولهم : ما البديل ؟ وكأن القائل يقول إذا لم تحضروا لي بديلا فلن أتراجع عما أنا فيه من المخالفة والعصيان وذلك ورب الكعبة لهو الخسران قال تعالى : (( لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ )) [الرعد :18] .
ويقول سبحانه : (( اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ )) [الشورى:47]
هذا أصل يجب أن يتربى عليه الجميع ولا بأس أن أذكر بعض البدائل..فإليك أيها المبارك هذه الخيارات المتنوعة،والبدائل المتعددة لتختار منها ما يناسبك ويلائمك :
أول هذه البدائل أن تبحث عن رفقة صالحة ، وصحبة خيرة ..فإنهم العون لك بعد الله في تغير مسار حياتك وتصحيحه ..والتخلص من الشرور وضيق الصدور ..فإن صحبتك لهم ستجعلك تبحث عن الفراغ الذي يشتكي منه الكثير من الشباب ويبحث عنه الأخيار..فأوقاتهم لا تخلو من مشاريع خيرية وأعمال منجزة ويودون لو أن الأوقات تباع لاشتروا الكثير منها..ولكن هذا مما لا يمكن إدراكه !!والصاحب من أهم المهمات في البحث عنه وقد كان السبب الرئيس في موت عم النبي صلى الله عليه وسلم كافرا أصحابه الذين غروه وخدعوه حتى مات مشركا بالله تعالى ..فبادر للبحث عن أصحاب يذكرونك إذا نسيت ويوجهونك إذا أخطأت يقول الشاعر :
إذا ما صحبت القوم فاصحب خيارهم ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
ثانيا: حلق التحفيظ ..ما نصيبك منها ؟ تلك الحلق التي شملت الصغار والكبار ..والذكور والإناث ..وفاز بشرف اللحوق بها الكثير !! حتى حفظوا من كتاب الله ما أنار بصائرهم ..وأوسع مداركهم ..وشرح صدورهم ..وآنس وحشتهم ..وأذهب السآمة من قلوبهم ..ويكفي فخرا وعزا ..وشرفا وسموا أن أهل الحلق والقرآن هم أهل الله وخاصته !! فاحرص يا رعاك الله على المشاركة فيها .
ثالثاً : تلك الدروس العلمية ..والمحاضرات التربوية ..التي يلقيها كوكبة من العلماء النبلاء ..والدعاة الفضلاء ..بمختلف العلوم وشتى المعارف .. فيا لسعادتنا والله حينما تسمو نفوس شبابنا لنيل العلم والسعي في تحصيله ..ومن ثم العمل به وتعليمه ..ولا يقعدنك الشيطان بحيله ..فإذا به يقول لك : فمن أنت حتى تجالس هؤلاء الأخيار ؟ وتصاحب أولئك الأبرار ؟ فهذا مالك بن دينار كان تائهاً في بداية حياته شارباً للخمر ظالما جهولا ..ثم وفقه الله للهداية وسلك درب العلم والعلماء فأصبح إماماً يهتدي به الناس !! وهذا الفضيل بن عياض كان قاطع طريق ..فبينا هو يرقى داراً إذ سمع تاليا يتلو قول الله تعالى : (( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ )) (الحديد:16) فلما سمعها قال : بلى يا رب قد آن ..قد آن ..ثم اتجه إلى العلم ..فبلغ منـزلة عالية ..حتى قال عنه الإمام الذهبي في سيره : الإمام القدوة الثبت شيخ الإسلام !! فبعض هؤلاء العلماء الذين سطر التاريخ سيرهم كانوا مثلك في يوما ما ثم أصبحوا نجوما يستضيء الناس بهم ..ولم يخطر ببالهم أنهم سيصبحون كذلك !!
فسارع ـ يا رعاك الله ـ بطلب العلم وثني الركب عند العلماء وتعلم لعل الله تعالى إن رأى منك صدقا أن يجعلك للأمة منارا ، وللناس هاديا ومعلما .
رابعاً : فإن أبيت طريق الحلق ومجالس العلماء فلا أقل من أن تقضي وقتك في خدمة الوالدين ..ومشاطرتهما الأعمال ..وإدخال الفرحة والسرور بالحديث معهما ..فإن الفضل بعد الله تعالى لهما فهما أحق الناس بحسن صحبتك ..ولا تنسى صلة أرحامهما ..فاليوم لزيارة قريبك فلان ..وبعد غد لزيارة عمتك أو خالتك ..فتضع لنفسك برنامجا محددا لزيارة الأقارب ..وأبشر بسعة في الرزق ..وطول في العمر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ"
خامساً : استثمار الوقت في المشاركة في المراكز الصيفية التي تعتبر مراكز هامة لاحتواء الشباب وتصريف طاقاته فيما يخدم الأمة وينفعها في مستقبلها الجديد ..ففيها تتلقى الدروس التربوية وتتعلم كيف تكون إيجابيا في خدمة أمتك ومجتمعك ، فضلا عن البرامج المفيدة لصقل المواهب وإنمائها ، واستغلال القدرات وتوجيهها ، ناهيك عن الرحلات التربوية ، حيث الترويح البريء و المتعة المباحة فاحرص على المشاركة في برامجها الهادفة ..ويا حبذا لو نشط معلمو المدارس والدعاة لإقامة هذه المراكز في أثناء الدراسة لتكون مرتعاً خصبا لهؤلاء الشباب !!
سادساً : ومن البدائل كذلك الالتحاق بإحدى الدورات المناسبة لميولك الشخصية ..ورغباتك الذاتية كدورة في الحاسب الآلي أو في الإدارة أو التجارة أو المعاهد المهنية ونحوها ..ومن ثم تستطيع أن تعمل في هذا القطاع الذي تعلمته إما في مؤسسة أو شركة أو بنفسك إن كان بالإمكان لك ذلك ..وذلك بفتح محل تجاري يناسب تخصصك الذي تعلمته .
سابعاً : ومن المجالات المتاحة أيضا عقد اللقاءات الدورية مع الزملاء والأحباب على أن لا تشتمل هذه اللقاءات على محاذير شرعية ..وأن تختار الرفقة الصالحة التي تعينك على الخير وتدلك عليه .
ثامناً : ومن البدائل كذلك المشاركة في الصالات الرياضية ..وقضاء الوقت بممارسة الرياضة بالضوابط الشرعية ..ولتكن الغاية منها إعداد النفس وتهيأة البدن لمنازلة الأعداء وبذل المهج في سبيل الله تعالى.
تاسعاً : ومن البدائل كذلك الرحلات البرية ..والمخيمات الخلوية ..تستمع من خلالها بالرمال الذهبية ..وسماء الصحو الجذاب..ونجوم الليل الباهرة ..وتقضي وقتك بمتابعة الصيد ومطاردته وذلك باعتدال وتوسط .
عاشرا : ومن المجالات أيضا المساهمة في الدعوة إلى هذا الدين وإطعام المساكين ..وقضاء حاجة الملهوفين من خلال المشاركة في المكاتب التعاونية والمؤسسات الإسلامية والمبرات الخيرية ..فيا لسعادتنا والله حينما نرى أفواج الشباب قد شمروا عن ساعد الجد فبدؤوا يجوبون تلك الأماكن زرافات ووحدانا ..كل يبدي مشاركته ..وكل يقدم موهبته ..وكل يسخر طاقته ..فكم من الإنجازات الضخمة ستتحقق ؟ وكم من المصالح للأمة ستنجز ؟
الحادي عشر : ممارسة البيع والشراء ..والضرب في الأسواق ..سواء كان بمفردك أو مع بعض الشركاء ..ومع الاستمرار والإصرار وصدق اللجأ إلى الله تعالى فإن الله تعالى يبارك المال وينميه ..ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ..وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الكسب أطيب ؟ فقال : "عمل الرجل بيده ، وكل بيع مبرور" رواه البزار وصححه الحاكم .
وأخيراً أخي الحبيب ..إن إدراكك لسر وجودك ؟ ومعرفتك للهم الحقيقي الذي ينبغي أن تحمله ..يجعلك تنقلب تماما تماما عن مجريات حياتك السابقة ..وتستقبل حياة جديدة ملؤها الخير والإبداع والتجديد ..استمع يا رعاك الله إلى همم الجيل الفريد ..جيل محمد صلى الله عليه وسلم ..يقول عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : ..بينا أنا في الصفِ يومَ بدرٍ ..إذ التفتُ فإذا عن يميني ..وعن يساري فتيان ، حديثةٌ أسنانُهما ..فكأني لم آمن بمكانِهما !! وبينا أنا كذلك !! إذ قال لي أحدُهما سراً ، حتى لا يسمعَ صاحُبه .. يا عمْ ، أرني أبا جهل ..ألا تخبرني عن أبي جهل ؟!!
فقلت : يا بُني ، وما تصنعُ بأبي جهل ؟! وما شأنكُ بأبي جهل ؟!! فقال : أُخبرتُ أنه يسبُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم واللهِ إنْ رأيتُه …لا يفارقُ سوادي سوادَه حتى يموتَ الأعجلُ منا!! يا عمْ ، عاهدتُ الله ..إنْ رأيتُه ، أن أقتلَه ..أو أموتَ دونَه!!
يقولُ عبدُ الرحمنِ بنُ عَوفْ : فما هو إلاَّ أنْ قال لي الآخر سراً ، مثلَ الذي قالَ صاحبُه!! يا عمْ ، أخبرني عن أبي جهل ، فقدْ أُخبرتُ أنّه يَسبُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم !! والذي نفسي بيده ، لئنْ رأيتُه لا يفارقُ سوادي سوادهَ ، حتى يموتَ الأعجلُ منّا !!
يقولُ عبدُالرحمن : فلم أنشبْ أن نظرتُ إلى أبي جهل ، يجولُ في الناس ..
فقلت : إلا إنّ هذا صاحِبُكما الذي تسألاني عنه !! فانطلقا إليه كالصقرين !!فابتدراهُ بسيفِيهما !!فضرباه حتى قتلاه !!!
هذه الحادثةُ العظيمة ..وهذه الواقعةُ المدهشة ..تجسدُ الهمَّ الذي كانَ يَشغلُ بالَ ذلكَ الجيلِ المعجزة ، من فتيانِ وشبابِ صحابةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم !!جيلٌ فهمِّ حقيقةَ الحياة ..وحقيقةَ الوجود .. ورُبي بعناية خاصة ..فنشأ فريداً من نوعه ..نادراً في مثاله ..يا عمْ ، أخبرني عن أبي جهل ، فقد أُخبرتُ أنَّه يَسبُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم !! لقد كانَ الهمُّ الذي يشغلُ بالَ هذين الشابينِ اليافعينِ ..أنَّ عربيداً مخموراً فاجراً ..يكنا أبا جهل !! قدَّ سبَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم !! هما لم يسمعاه !! لم يرياه !!وهو يَسَّبُ رسولَهما ..ولكنْ نُقلَ إليها !! أنَّ أبا جهلٍ ..قد تجرأ ..وارتكبَ حماقةً من حماقاتِه المتعددِة ..فسبَّ محمداً عليه الصلاة والسلام!!وذلك أمرٌ لا يُطاق ولا يُحتمل..عند من يعرفونَ قيمةَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم !! ويعرفونَ قدرْه ومنزلتَه !! فما أن علمَ الفتيان ، بحماقةِ أبي جهلٍ وجراءتِه على شخصِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حتى انتفضا ..انتفاضةَ الأسد ..وحملا سيفيهِما يسابقانِ الريح ..حين سمعا بأولِ فرصةٍ للمواجهة ..يمنيانِ النفس بالثأرِ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ..وإخراسِ اللسان الذي تجرأ على النيل من شخصه الكريم ..إخراسُ ذلك اللسان إلى الأبد !! وهكذا كان!!
أخي الحبيب ..لم تكن هذه الحادثة ..بدعاً من قَصصِ ذلك الجيلِ الفريد !! فمثلُها كثير ..كُلُها تُجسدُ هموماً مشابهة !! وهموماً مماثلة !! لقد كانَ همهُم جميعاً ..الذبَ عن اللهِ وعن رسولهِ ..وحملَ هذا الدين .. إلى البشريةِ المعذبة ..التائهةِ في أوديةِ الضلالةِ والهوى !! لقد كان هذا الدين ، يَشغلُ كلَّ ذرةٍ من أحاسيسهِم وكلَّ حيزٍ من كيانهِم ..وكلَّ موضعٍ من ضمائرهِم!!فانطلقوا به إلى الآفاق ، يبلغون رسالاتِ ربهِم ويخشونه ..ولا يخشونَ أحداً إلا الله ، فنصرَ اللهُ بهم الدين ، وأقامَ بهم الملة ، وانجلتْ غربةُ الإسلام !! فهل يكون لك بهم أسوة وقدوة ؟
 
 
 
رسالة إلى الأب الحنون
أيها الأب الحنون ..والوالد العطوف ..إن من حق أبنائك عليك ..أن تعتني بتربيتهم ..التربية الإسلامية الشريفة ..تربيةَ الصحابة لأبنائهم ..واعلم ـ رعاك الله ـ أن مسؤوليتك أمام الله مسؤولية عظيمة ..وأعباءك يوم القيامة أعباء ثقيلة ..وأنت محاسب على النقير والقطمير ..فحذار يرحمك الله أن تزل قدم بعد ثبوتها !!
لقد علمت أيها الأب الحنون ما يبذله أصحاب المقاهي من جهود جبارة ..لا تقف عند حد ، ومحاولات لا تكل ولا تمل ..لانتزاع ابنك من بين يديك ..لكي يغرقوه في بحر خضم من الفتن والموبقات !! فأنت تعلم أن المقاهي ملتقى الفارغين والعاطلين وقرناء السوء ..ولطالما تمكن أولئك القرناء ..من إفساد أبناء العوائل المحافظة ..والأسر الشريفة ..بفعل الصحبة المتواصلة ..والمزاملة الطويلة ..فمن خلال تلك الصحبة ..يتلقى الأبناء دروساً في الأخلاق السيئة ..والتصرفات المريبة ..ويتعلمون قاموسا من الألفاظ البذيئة ..وعلى أيدي قرناء السوء ..يتعلم الأبناء ..فعل الفاحشة ـ والعياذ بالله ـ وممارسة الرذيلة ..وتعاطي المخدرات ..وربما كونوا عصابات للسطو على المنازل ..وسرقة السيارات وإتلافها ..ومن يزور المقاهي في الفترة الصباحية ..يتخيل أن المدارس معطلة ..خاصة في أوقات الاختبارات !!فاحذر ـ رعاك الله ـ أن تتركهم عرضة للمجرمين ..من الشباب البائسين ..ولقمة سائغة للمغرضين يقول الله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)) (التحريم:6) .
وأنت أيها الأب الحنون إذا تابعت ولدك ..وملأت وقت فراغه بمجالسته والذهاب معه في الرحلات أو حركته معك في تجارتك ..تكون بذلك قد وقفت حجر عثرة أمام مخططات أصحاب المطامع المالية ..الراغبين في إشغال شباب الأمة ..عن سر قوتهم ..ومبعث عزتهم ..وأساس نهضتهم ..وإلهائهم بالقنوات الفضائية ونحوها .
رسالة إلى صاحب المقهى
وأخيراً .. أوجه رسالة إلى صاحب المقهى آملاً أن تجد قبولا عنده ، وأن تلقى صدى في نفسه :
تذكر ـ وفقك الله للخير ـ بأنك قد أعلنت ولاءك لله تعالى ولرسوله ،حين نطقت بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ؛ وأكرم به من ولاء وأنعم به من لواء ..ومن الولاء لله ورسوله تقديم كل ما يحبه الله ورسوله وطاعتهما ..فهل بارك الله فيك بيع الشيشة و المعسل مما أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم به ؟ أو مما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟ إذن كيف ترضى لنفسك ببيعها وترويجها؟
ولا أظنك أيضا ترضى أن تكون معول هدم لأمتك ، تجر إليها الويلات إثر الويلات فلماذا تضع تلك القنوات الفضائية والتي لا يخفى عليك ضررها العظيم على أخلاق الأمة ودينها ؟!!
ثم تصور نفسك وقد ضاقت عليك الأرض بما رحبت ، ولم تجد من ينفس كربتك ..فهذا مرض قد أقعدك ، وتلك تجارة قد احترقت !! فمن ينفس كربتك ؟ ومن يفرج مصيبتك إلا الله الذي سددت الباب الذي بينك وبينه بأكل الحرام !!إذن فدع ما أنت فيه وأطب مطعمك تستجب دعوتك .. عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ..ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك" رواه مسلم .
ولا يغرك أخي التاجر ما أنت فيه من الصحة والغنى ..فالأيام دول يوم لك ويوم عليك !! ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون !! و تذكر أن هناك آباء وأمهات وزوجات صالحات يرفعون جميعا أكف الضراعة بين يدي الواحد القهار العزيز الجبار ..يدعون على من تسبب في إفساد أبنائهم وأزواجهم وهيأ لهم أسباب الرذيلة ، وفتح لهم أبواب المعصية فراحوا يتخبطون في لجج الذنوب والخطايا..فضاعت أعمارهم ، وخسروا دينهم ، وتركوا دراستهم وأهملوا أبناءهم وأسرهم ..
فيالله كم من الدعوات في الأسحار قد دعيت عليك ؟!!
ويا لله كم من السهام في جوف الليل قد أطلقت ؟!
وكم من الاستغاثات والنداءات قد وجهت ؟!!
سهام الليل لا تخطي ولكن لها أمد وللأمد انقضاء
فاحذر يا رعاك الله من هذه الدعوات فدعوة المظلوم مستجابة وليس بينها وبين الله حجاب !!
أخي صاحب المقهى : لو أذنبت في كل يوم ذنباً واحدا ..وواحدا فحسب .. وقد أمد الله في عمرك إلى الستين فكم يا ترى ستكون ذنوبك ؟ أكثر من عشرين ألف ذنب تقابل بها الجبار جل جلاله !! فلا إله إلا الله إذا جئت يوم القيامة تحمل ذنوبك وذنوب كل الذين يمارسون الحرام في المكان الذي أعددته وهيأته ؟ كم عددهم ؟ كم ذنوبهم ؟ يقول صلى الله عليه وسلم : "من سن سنة حسنة فعمل بها كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئا ، ومن سن سنة سيئة فعمل بها كان عليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئا"رواه مسلم .. فلماذا تحمل نفسك ما لا تطيق ؟! يقول الله جل جلاله : (( لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ)) (النحل:25) .
فيا أخي الكريم ـ يا من رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبينا ، تب إلى ربك ، وعد إلى رشدك ..واعلم بأنك ستعين الآخرين إذا جعلت المقهى مكانا تمنع فيه تعاطي المحرمات ..وتقتصر فيه على المباحات والطيبات ..وتزيل عنه القنوات ..وتمنع السهر إلى ساعات متأخرة ..ولا تسمح بدخول الفتية في الفترة الصباحية ..ويمكن أن تجعل من أجهزة التلفاز والفيديو وسيلة دعوية كأن تضع فيها برامج ثقافية أو محاضرات تربوية ، أو أفلاما علمية يستمتع بها المشاهد ..وقد تكون سبب هدايته يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خيرا لك من حمر النعم" فاستعن بالله ـ عز وجل ـ واعلم بأن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، والعوض أنواع مختلفة ، فإما أن يكون بمال خير من مالك الأول ، وإما أن يكون مالك مباركا ولو كان قليلا ، وإما أن يدفع الله عنك من المصائب ما لا يعلمه إلا هو ، وإما أن ترزق القناعة وغنى النفس .
وأجلُّ ما تُعوض به : الأنس بالله ، ومحبته ، وقوة القلب ، ونشاطه ، وفرحه ، ورضاه عن الله ، وطمأنينته بذكره عز وجل .
ثم تذكر الأجر المترتب على ترك هذا المقهى ، واستحضر فضائل التوبة العظيمة ، فالعبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية .
وارفع يديك إلى ربك ، واسأله أن يعينك على نفسك ، وعلى شياطين الإنس والجن ، الذين يقفون في طريقك ، ويعوقونك عن رجوعك إلى ربك .
وإياك أن تستسلم لوسوسة الشيطان وتخويفه لك بأن رزقك سينقطع ؛ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم واستحضر بأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ، وتذكر وقوفك بين يدي رب العالمين ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
أخي الحبيب : هذه كلمات محب لك ، مشفق عليك ، يرجو فلاحك ، ويروم عِزك ، فأسأل الله أن يلهمك رشدك ، وأن يهديك لأرشد أمرك ، وأن ييسرك لليسرى ، ويجنبك العسرى .
ألا إنها دعوة للشباب للعودة إلى ربهم ويتمسكوا بدينهم ويعتصموا بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وأن تسموا نفوسهم إلى طلب المعالي ونيل الأماني من رفع راية الإسلام فوق كل أرض وتحت كل سماء .
إلا إنها دعوة للآباء أن يعتنوا بفلذات أكبادهم وأن يبذلوا جهدهم في التربية والتوجيه والنصح والتصحيح .
إلا إنها دعوة لأصحاب المقاهي أن يتقوا الجبار ويخافوا القهار في أبناء المسلمين وأن لا يكونوا عونا لليهود والنصارى في إفساد حماة الدين ..وعماد الأمة في وقت الغمة .
ألا إنها دعوة لأصحاب الأموال أن يساهموا في إيجاد قنوات جديدة لاحتواء الشباب وقضاء وقتهم فيها وحفظهم من الفساد والضياع .
إلا إنها دعوة للدعاة والمصلحين أن يتلمسوا حاجات الشباب وأن يقفوا في صفهم وأن يتحملوا أخطاءهم وأن يسعوا بكل وسعهم لإنقاذهم من مستنقعات الرذيلة ..ونقلهم لحياض الإيمان وطاعة الرحمن ..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الدوحة: سلمان الدوسري محاولة جديدة، سعت إليها هذه المرة قطر، من أجل إيقاف ما سمي بـ«القنوات الهابطة» وفي أحيان أخرى «الهدامة» وفي أحايين أخرى أسماء أشد وطأة، الوسيلة هنا كانت عبر إطلاق «منتدى الفضائيات والتحدي القيمي والأخلاقي الذي يواجه شباب الخليج»، الذي اختتم أعماله يوم الاثنين الماضي في العاصمة القطرية الدوحة، حملة إعلامية خليجية تهدف للتصدى للقنوات الفضائية التي وصفها بـ«الهابطة».
الحملة الجديدة ضد القنوات الفضائية «الفاضحة» وجدت غطاء خليجيا شبه رسمي، بدخول الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي على خط تأييد هذه الحملة، كما اتفق على تقديم توصيات ومقترحات للحد من تدني هذه القنوات، إلى قادة دول مجلس التعاون الخليجي في قمتهم المقبلة الشهر المقبل في مسقط.
وبالرغم من أن المنتدى، وخلال جلساته الأربع ووسط حضور رسمي وإعلامي كبير قارب 300 شخصية منهم وزراء ومسؤولون كبار وأكاديمون وإعلاميون، لم يعرف المقصود بهذه القنوات الهابطة، إلا أن المسؤولين عن المنتدى، وبدعم من الشيخة موزة بنت ناصر المسند حرم أمير قطر، أخذوا على عاتقهم محاربة تلك القنوات عبر حملة إعلامية تستمر ثلاثة أشهر.
الحملة الإعلامية تهدف للتوعية بمخاطر بعض الفضائيات والبرامج والمواد الإعلامية والإعلانية، وتعنى بمخاطبة المسؤولين في القنوات الفضائية والجهات التربوية والتعليمية ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة. على أن تشكل لجنة تنفيذية تتبع الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي لمتابعة تنفيذ توصيات المنتدى والحملة الإعلامية على المستويين الوطني والخليجي.
وتقتضي آليات التنفيذ أيضاً تخصيص جائزة خليجية تحت مظلة الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي تمنح في مهرجان سنوي لأفضل قناة فضائية وأفضل عمل إعلامي هادف. ليتولى بالنهاية المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في قطر رفع توصيات منتدى الفضائيات إلى الأمانة العامة لدول مجلس التعاون كي ترفعها إلى القمة المقبلة لدول مجلس التعاون المزمع عقدها في سلطنة عمان. ولعل اللافت في المؤتمر أرقام أثيرت في ثناياه، أشارت إلى أن جيل الشباب في العالم العربي يشاهد التلفاز لفترة 28 ساعة أسبوعيا، وأن 54 % منهم يرى أنه يجب أن يعطى حرية اختيار ما يشاهده، وأن 51% منهم يقرأ الرسائل القصيرة التي تبث على القنوات الفضائية، بل ان 14% يتصلون بالبرامج التلفزيونية، فيما يبلغ متوسط انتظار المتصل حتى يبدأ في المشاركة نحو 16 دقيقة. وترافق مع هذه الدعوة لمحاربة القنوات الفضائية «الهابطة»، إصدار المنتدى «إعلان الدوحة»، والذي دعا إلى إنشاء مرصد إعلامي للبث السمعي البصري على مستوى دول مجلس التعاون، «بغية تنظيم محتوى البث الفضائي ومتابعة التزام الفضائيات بأخلاقيات المهنة من دون المساس بحرية الإعلام». كما أطلق إعلان الدوحة من جهة أخرى تخصيص جائزة خليجية تحت مظلة الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي تمنح في مهرجان سنوي لأفضل قناة فضائية وأفضل عمل إعلامي هادف. الشيخة موزة بنت ناصر المسند، التي حضرت الجلسة الختامية للمنتدى، دعت في كلمتها إلى تضافر الجهود العربية لمحو الأمية الإعلامية من خلال المدارس وورش العمل التدريبية، «خاصة أن الإعلام اليوم تجاوز البث التلفزيوني الرسمي والفضائي إلى المسارات الإلكترونية بسرعتها التقنية المذهلة، مما أحدث فجوة تكنولوجية وإعلامية كبيرة بين جيلين تستدعي تجسيرها». وقالت حرم أمير قطر «إن تحصين ووقاية ناشئتنا من تأثير البرامج والمواد المخلة بالحياء والمنافية للآداب والأخلاق العامة التي تبثها بعض القنوات الفضائية، هو قبل أن يكون مطلباً إعلامياً، أعتبره، أولاً وقبل كل شيء واجباً وطنياً ورهاناً يهم كافة أفراد المجتمع، كما لا يعقل أبداً وبلادنا العربية تمضي في خطط طموحة لتحديث التعليم والبحث العلمي أن يترك الحبل على غاربه لبعض القنوات الفضائية لتهدم ما يبنيه غيرها».
وكان لافتا حضور الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية افتتاح وختام جلسات المؤتمر ودعمه الكبير لتوجه المؤتمر، وما يمكن أن تساهم فيه الأمانة العامة للمجلس كمظلة رسمية لما خرج به المنتدى من توصيات ونتائج،وهو ما أكد عليه المسؤول الخليجي من ضرورة بلورة رؤية وإستراتيجية مشتركة حيال التعامل مع الفضائيات الهدامة لفكر الشباب، مشيرا الى إن قمة مسقط الخليجية ستستمع إلى تقرير عن قضية «الفضائيات الهدامة». ورأى العطية أن نتائج منتدى الفضائيات والتحدي القيمي والأخلاقي الذي يواجه الشباب الخليجي بالدوحة ستشكل أساسا لبلورة إستراتيجية خليجية واضحة تجاه الفضائيات الهدامة. غير أن قانونيين ومختصين مشاركين في المؤتمر تخوفوا من أن يتم استخدام تنقية القنوات الفضائيات، بتكميم الأفواه عبر تشديد الرقابة على الإعلام ككل.
«الشرق الأوسط» سألت الاستاذ الدكتور جاسم الشامسي أستاذ القانون المدني وعميد كلية القانون بجامعة الامارات، عن الموقف القانوني لمثل هذه المواقف ضد وسائل الإعلام من قنوات فضائية، فرأى أن «الأسلحة الموجودة لدى المعنيين بمثل هذه الحملات، لمواجهة القنوات الفضائية الفاضحة للأسف أسلحة محدودة وغير فعالة في نفس الوقت»، ويعتقد الدكتور الشامسي أن المشكلة في هذه الحالة يجب مواجهتها بإعلانات حكومية تبين مضار هذه البرامج التي لا تناسب الأطفال مثلا كما يتم بالنسبة للتحذير من التدخين.
ويفتح الشامسي بابا آخر يقترح من خلاله، وهو اقتراح يراه قانونيا 100% دون أية تبعات أخرى، وهو رصد هذه القنوات وتحديد أسوأ القنوات وأسوأ الممثلات وكذلك البرامج وإعلانها للمشاهد العربي «ونحن هنا فضحنا القنوات السيئة دون أي تكميم لحرية الإعلام».
كما يقترح أستاذ القانون المدني أن تتعاطى الدول داخلها ما يعرف بالضبطية القانونية «كما تفعل وزارات الثقافة بالنسبة لمنع الكتب أو الصحف، ونحن بهذه الضبطية القانونية نستطيع إيقاف أي تجاوزات تقوم بها هذه القنوات».
من جهته، يؤكد الاستاذ الدكتور وليد حسن خلف الحديثي استاذ وسائل الاتصال والاعلام الدولي في كلية الاعلام بجامعة صنعاء انه من الاهمية بمكان ايجاد آليات ضوابط للبث الفضائي في الوطن العربي، «حتى لا تصبح الرقابة وسيلة يستخدمها البعض استخداما خاطئا لتنحرف عن مسارها الحقيقي، فيتخذ منها السلطويون اداة قمع وكبح وتقييد لحرية الرأي والتعبير فيما يخدم مصالحهم وافكارهم ويعتبرها بعض القائمين على الوسائل الاعلامية اداة لتكميم افواههم ويحاولون محاربتها حتى يترك لهم «الحبل على الغارب» كما يقال بما يتناسب مع رغباتهم ونزواتهم واهوائهم، ليصبح الضحية - وبلا شك - الجمهور المتلقي الذي ما زال يبحث عن ضمانات كافية ليستقبل رسالته الاعلامية ذات القيم الجمالية المكتملة والواضحة الاهداف والرؤى والايجابية في مضمونها وعمقها وابعادها».
الداعية الاسلامي الشيخ عائض القرني ركز في مداخلته أمام المنتدى على الفضائيات التي تعرض على جيل الشباب طوال فترة بثها لأطروحات تخالف منهج الإسلام كالسحر والشعوذة، والتي رأى أنها تستهدف البسطاء السذج الذين يصدقون الأوهام والأكاذيب. وعدد الدكتور القرني أضرار هذا النوع من البرامج التي تتمثل بالقدح في المعتقد وهوية الإيمان، وابتزاز أموال الناس، وإفساد عقول الشباب. وأضاف أن السحرة والمشعوذين يدعون علم الغيب، وأنهم لا ينفعون ولا يأتون بالخير للناس، كما يعرضون على الناس عقيدة السحر، ويذكرون زجر الطير والخط في الرمل والقراءة في الكف والفنجان، إضافة إلى تحضير الأرواح وغيرها من البدع التي تهدم المعتقد الصحيح.
وفيما أكد عبد الله بن ناصر الخليفة الأمين العام للمجلس الأعلى للأسرة في قطر، احترام المنتدى لحرية التعبير كحق مقدس كفله الدين الإسلامي وتضمنته المواثيق والاتفاقيات الدولية، أكد بالمقابل ضرورة احترام القيم والمبادئ الأخلاقية فيما تبثه الفضائيات، إضافة إلى عدم المساس بالهوية والتقاليد التي يتمسك بها المجتمع الخليجي والعربي.
ويقول آل خليفة ان التشريعات وحدها لا تكفي لمعالجة مخاطر ظاهرة الفضاء الإعلامي اللامسؤول، لا سيما وأن الحماية الحقيقية تكون بتحصين الشباب أخلاقيا وثقافيا ودينيا واجتماعيا واقتصاديا، الأمر الذي يتطلب تضافر جهود الأسرة والمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني والجهات الحكومية المعنية.
من ناحية أخرى دعا المنتدى إلى وضع معايير وضوابط تتعلق بتسويق واستيراد وتصدير المواد الإعلامية بما يتفق مع القيم الأخلاقية والآداب العامة، إضافة إلى وضع آلية موحدة من قبل الجهات الحكومية المختصة في دول مجلس التعاون تلزم شركات الاتصالات بالضوابط التي تمنع استغلال الشباب اقتصاديا عبر الفضائيات.

Divide and Rule, Israeli-Style

Nazareth—The boycott by Israel and the international community of the Palestinian Authority finally blew up in their faces with Hamas' recent bloody takeover of Gaza. Or so argues Gideon Levy, one of the saner voices still to be found in Israel. "Starving, drying up and blocking aid do not sear the consciousness and do not weaken political movements. On the contrary Reality has refuted the chorus of experts and commentators who preached [on] behalf of the boycott policy. This daft notion that it is possible to topple an elected government by applying pressure on a helpless population suffered a complete failure."
But has Levy got it wrong? The faces of Israeli and American politicians, including Ehud Olmert and George Bush, appear soot-free. On the contrary. Over the past fortnight they have been looking and sounding even more smug than usual.
The problem with Levy's analysis is that it assumes that Israel and the US wanted sanctions to bring about the fall of Hamas, either by giving Fatah the upper hand so that it could deal a knockout blow to the Palestinian government, or by inciting ordinary Palestinians to rise up and demand that their earlier electoral decision be reversed and Fatah reinstalled. In short, Levy, like most observers, assumes that the policy was designed to enforce regime change.
But what if that was not the point of the sanctions? And if so, what goals were Israel and the US pursuing?
The parallels between Iraq and Gaza may be instructive. After all, Iraq is the West's only other recent experiment in imposing sanctions to starve a nation. And we all know where it led: to an even deeper entrenchment of Saddam Hussein's rule.
True, the circumstances in Iraq and Gaza are different: most Iraqis wanted Saddam out but had no way to effect change, while most Gazans wanted Hamas in and made it happen by voting for them in last year's elections. Nevertheless, it may be that the US and Israel drew a different lesson from the sanctions experience in Iraq.
Whether intended or not, sanctions proved a very effective tool for destroying the internal bonds that held Iraqi society together. Destitution and hunger are powerful incentives to turn on one's neighbour as well as one's enemy. A society where resources -- food, medicines, water and electricity -- are in short supply is also a society where everyone looks out for himself. It is a society that, with a little prompting, can easily be made to tear itself apart.
And that is precisely what the Americans began to engineer after their "shock and awe' invasion of 2003. Contrary to previous US interventions abroad, Saddam was not toppled and replaced with another strongman -- one more to the West's liking. Instead of regime change, we were given regime overthrow. Or as Daniel Pipes, one of the neoconservative ideologues of the attack on Iraq, expressed it, the goal was "limited to destroying tyranny, not sponsoring its replacement Fixing Iraq is neither the coalition's responsibility nor its burden."
In place of Saddam, the Americans created a safe haven known as the Green Zone from which its occupation regime could loosely police the country and oversee the theft of Iraq's oil, while also sitting back and watching a sectarian civil war between the Sunni and Shia populations spiral out of control and decimate the Iraqi population.
What did Washington hope to achieve? Pipes offers a clue: "When Sunni terrorists target Shiites and vice-versa, non-Muslims [that is, US occupation forces and their allies] are less likely to be hurt. Civil war in Iraq, in short, would be a humanitarian tragedy but not a strategic one." In other words, enabling a civil war in Iraq was far preferable to allowing Iraqis to unite and mount an effective resistance to the US occupation. After all, Iraqi deaths -- at least 650,000 of them, according to the last realistic count -- are as good as worthless, while US soldiers' lives cost votes back home.
For the neocon cabal behind the Iraq invasion, civil war was seen to have two beneficial outcomes.
First, it eroded the solidarity of ordinary Iraqis, depleting their energies and making them less likely to join or support the resistance to the occupation. The insurgency has remained a terrible irritation to US forces but not the fatal blow it might have been were the Sunni and Shia to fight side by side. As a result, the theft of Iraq's resources has been made easier.
And second, in the longer term, civil war is making inevitable a slow process of communal partition and ethnic cleansing. Four million Iraqis are reported to have been forced either to leave the country or flee their homes. Iraq is being broken up into small ethnic and religious fiefdoms that will be easier to manage and manipulate.
Is this the model for Gaza now and the West Bank later?
It is worth recalling that neither Israel nor the US pushed for an easing of the sanctions on the Palestinian Authority after the national unity government of Hamas and Fatah was formed earlier this year. In fact, the US and Israel could barely conceal their panic at the development. The moment the Mecca agreement was signed, reports of US efforts to train and arm Fatah forces loyal to President Mahmoud Abbas became a newspaper staple.
The cumulative effect of US support for Fatah, as well as Israel's continuing arrests of Hamas legislators in the West Bank, was to strain already tense relations between Hamas and Fatah to breaking point. When Hamas learnt that Abbas' security chief, Mohammed Dahlan, with US encouragement, was preparing to carry out a coup against them in Gaza, they got the first shot in.
Did Fatah really believe it could pull off a coup in Gaza, given the evident weakness of its forces there, or was the rumour little more than American and Israeli spin, designed to undermine Hamas' faith in Fatah and doom the unity government? Were Abbas and Dahlan really hoping to topple Hamas, or were they the useful idiots needed by the US and Israel? These are questions that may have to be settled by the historians.
But with the fingerprints of Elliott Abrams, one of the more durable neocons in the Bush administration, to be found all over this episode, we can surmise that what Washington and Israel are intending for the Palestinians will have strong echoes of what has unfolded in Iraq.
By engineering the destruction of the unity government, Israel and the US have ensured that there is no danger of a new Palestinian consensus emerging, one that might have cornered Israel into peace talks. A unity government might have found a formula offering Israel:
limited recognition inside the pre-1967 borders in return for recognition of a Palestinian state and the territorial integrity of the West Bank and Gaza;
a long-term ceasefire in return for Israel ending its campaign of constant violence and violations of Palestinian sovereignty;
and a commitment to honour past agreements in return for Israel's abiding by UN resolutions and accepting a just solution for the Palestinian refugees.
After decades of Israeli bad faith, and the growing rancour between Fatah and Hamas, the chances of them finding common ground on which to make such an offer, it must be admitted, would have been slight. But now they are non-existent.
That is exactly how Israel wants it, because it has no interest in meaningful peace talks with the Palestinians or in a final agreement. It wants only to impose solutions that suit Israel's interests, which are securing the maximum amount of land for an exclusive Jewish state and leaving the Palestinians so weak and divided that they will never be able to mount a serious challenge to Israel's dictates.
Instead, Hamas' dismal authority over the prison camp called Gaza and Fatah's bastard governance of the ghettoes called the West Bank offer a model more satisfying for Israel and the US -- and one not unlike Iraq. A sort of sheriff's divide and rule in the Wild West.
Just as in Iraq, Israel and the US have made sure that no Palestinian strongman arises to replace Yasser Arafat. Just as in Iraq, they are encouraging civil war as an alternative to resistance to occupation, as Palestine's resources -- land, not oil -- are stolen. Just as in Iraq, they are causing a permanent and irreversible partition, in this case between the West Bank and Gaza, to create more easily managed territorial ghettoes. And just as in Iraq, the likely reaction is an even greater extremism from the Palestinians that will undermine their cause in the eyes of the international community.
Where will this lead the Palestinians next?
Israel is already pulling the strings of Fatah with a new adeptness since the latter's humiliation in Gaza. Abbas is currently basking in Israeli munificence for his rogue West Bank regime, including the decision to release a substantial chunk of the $700 million tax monies owed to the Palestinians (including those of Gaza, of course) and withheld for years by Israel. The price, according to the Israeli media, was a commitment from Abbas not to contemplate re-entering a unity government with Hamas.
The goal will be to increase the strains between Hamas and Fatah to breaking point in the West Bank, but ensure that Fatah wins the confrontation there. Fatah is already militarily stronger and with generous patronage from Israel and the US -- including arms and training, and possibly the return fo the Badr Brigade currently holed up in Jordan -- it should be able to rout Hamas. The difference in status between Gaza and the West Bank that has been long desired by Israel will be complete.
The Palestinian people have already been carved up into a multitude of constituencies. There are the Palestinians under occupation, those living as second-class citizens of Israel, those allowed to remain "residents" of Jerusalem, and those dispersed to camps across the Middle East. Even within these groups, there are a host of sub-identities: refugees and non-refugees; refugees included as citizens in their host state and those excluded; occupied Palestinians living under the control of the Palestinian Authority and those under Israel's military government; and so on.
Now, Israel has entrenched maybe the most significant division of all: the absolute and irreversible separation of Gaza and the West Bank. What applies to one will no longer be true for the other. Each will be a separate case; their fates will no longer be tied. One will be, as Israelis like to call it, Hamastan, and other Fatahland, with separate governments and different treatment from Israel and the international community.
The reasons why Israel prefers this arrangement are manifold.
First, Gaza can now be written off by the international community as a basket case. The Israeli media is currently awash with patronising commentary from the political and security establishments about how to help avoid a humanitarian crisis in Gaza, including the possibility of air drops of aid over the Gaza "security fence" -- as though Gaza were Pakistan after an earthquake. From past experience, and the current menacing sounds from Israel's new Defence Minister, Ehud Barak, those food packages will quickly turn into bombs if Gaza does not keep quiet.
As Israeli and US officials have been phrasing it, there is a new "clarity" in the situation. In a Hamastan, Gaza's militants and civilians can be targeted by Israel with little discrimination and no outcry from the international community. Israel will hope that message from Gaza will not be lost on West Bank Palestinians as they decide who to give their support to, Fatah or Hamas.
Second, at their meeting last week Olmert and Bush revived talk of Palestinian statehood. According to Olmert, Bush "wants to realize, while he is in office, the dream of creating a Palestinian state". Both are keen to make quick progress, a sure sign of mischief in the making. Certainly, they know they are now under no pressure to create the single viable Palestinian state in the West Bank and Gaza once promised by President Bush. An embattled Abbas will not be calling for the inclusion of Gaza in his ghetto-fiefdom.
Third, the separation of Gaza from the West Bank may be used to inject new life into Olmert's shopworn convergence plan -- if he can dress it up new clothes. Convergence, which required a very limited withdrawal from those areas of the West Bank heavily populated with Palestinians while Israel annexed most of its illegal colonies and kept the Jordan Valley, was officially ditched last summer after Israel's humiliation by Hizbullah.
Why seek to revive convergence? Because it is the key to Israel securing the expanded Jewish fortress state that is its only sure protection from the rapid demographic growth of the Palestinians, soon to outnumber Jews in the Holy Land, and Israel's fears that it may then be compared to apartheid South Africa.
If the occupation continues unchanged, Israel's security establishment has long been warning, the Palestinians will eventually wake up to the only practical response: to dissolve the Palestinian Authority, Israel's clever ruse to make the Palestinian leadership responsible for suppressing Palestinian resistance to the occupation, thereby forcing Israel to pick up the bill for the occupation rather than Europe. The next stage would be an anti-apartheid struggle for one state in historic Palestine.
For this reason, demographic separation from the Palestinians has been the logic of every major Israeli policy initiative since -- and including -- Oslo. Convergence requires no loss of Israel's control over Palestinian lives, ensured through the all but finished grid of walls, settlements, bypass roads and checkpoints, only a repackaging of their occupation as statehood.
The biggest objection in Israel to Olmert's plan -- as well as to the related Gaza disengagement -- was the concern that, once the army had unilaterally withdrawn from the Palestinian ghettoes, the Palestinians would be free to launch terror attacks, including sending rockets out of their prisons into Israel. Most Israelis, of course, never consider the role of the occupation in prompting such attacks.
But Olmert may believe he has found a way to silence his domestic critics. For the first time he seems genuinely keen to get his Arab neighbours involved in the establishment of a Palestinian "state". As he headed off to the Sharm el-Sheikh summit with Egypt, Jordan and Abbas this week, Olmert said he wanted to "jointly work to create the platform that may lead to a new beginning between us and the Palestinians".
Did he mean partnership? A source in the Prime Minister's Office explained to the Jerusalem Post why the three nations and Abbas were meeting. "These are the four parties directly impacted by what is happening right now, and what is needed is a different level of cooperation between them." Another spokesman bewailed the failure so far to get the Saudis on board.
This appears to mark a sea change in Israeli thinking. Until now Tel Aviv has regarded the Palestinians as a domestic problem -- after all, they are sitting on land that rightfully, at least if the Bible is to be believed, belongs to the Jews. Any attempt at internationalising the conflict has therefore been strenuously resisted.
But now the Israeli Prime Minister's Office is talking openly about getting the Arab world more directly involved, not only in its usual role as a mediator with the Palestinians, nor even in simply securing the borders against smuggling, but also in policing the territories. Israel hopes that Egypt, in particular, is as concerned as Tel Aviv by the emergence of a Hamastan on its borders, and may be enticed to use the same repressive policies against Gaza's Islamists as it does against its own.
Similarly, Olmert's chief political rival, Binyamin Netanyahu of Likud, has mentioned not only Egyptian involvement in Gaza but even a Jordanian military presence in the West Bank. The "moderate" Arab regimes, as Washington likes to call them, are being seen as the key to developing new ideas about Palestinian "autonomy" and regional "confederation". As long as Israel has a quisling in the West Bank and a beyond-the-pale government in Gaza, it may believe it can corner the Arab world into backing such a "peace plan".
What will it mean in practice? Possibly, as Zvi Barel of Haaretz speculates, we will see the emergence of half a dozen Palestinian governments in charge of the ghettoes of Gaza, Ramallah, Jenin, Jericho, and Hebron. Each may be encouraged to compete for patronage and aid from the "moderate" Arab regimes but on condition that Israel and the US are satisfied with these Palestinian governments' performance.
In other words, Israel looks as if it is dusting off yet another blueprint for how to manage the Palestinians and their irritating obsession with sovereignty. Last time, under Oslo, the Palestinians were put in charge of policing the occupation on Israel's behalf. This time, as the Palestinians are sealed into their separate prisons masquerading as a state, Israel may believe that it can find a new jailer for the Palestinians -- the Arab world.
http://www.ifamericansknew.org

Jonathan Cook is a writer and journalist based in Nazareth, Israel. He is the author of the forthcoming "Blood and Religion: The Unmasking of the Jewish and Democratic State" published by Pluto Press, and available in the United States from the University of Michigan Press. His website is www.jkcook.net

http://news.bbc.co.uk/2/hi/7451668.stm

The BBC has obtained footage of Palestinians being attacked close to a Jewish settlement in the West Bank by a group of masked men wielding baseball bats.
The footage was shot on a camera that was provided by an Israeli human rights group to enable Palestinians to get proof of attacks.
Tim Franks reports.
http://news.bbc.co.uk/2/hi/7451668.stm

Thousands turn to Islam in Dubai - offical figures


Almost 3,000 people, the majority of them women, from dozens of nationalities became Muslims in Dubai last year, it was announced on Wednesday.A total of 2,763 individuals - 1,869 of them women - from 72 countries embraced Islam in 2008, an increase of 71 percent over 2007, according to figures released by the Islamic affairs and charitable activities department.Announcing the data Dr Hamad bin Al Sheikh Al Shaibani, director general of the department, said: ''We are delivering our message properly by spreading Islamic culture and instilling national identity through giving greater attention to mosques, holy Quran sciences, Islamic heritage, research fatwa and charity works.”

The Islamic message was being delivered through a moderate school of Islam by highly qualified and conversant individuals using the most advanced methodologies, he added.''We are lending special care to new Muslims, providing them with all they need from audio-visual materials, books, lectures and training programmes in all languages so as to become true Muslims,” Al Shaibani said.
by
JOANNA HARTELY
SOURCE:http://www.arabianbusiness.com



صرح المتحدث الأمني بوزارة الداخلية السعودية أن يقظة رجال الأمن وجهودهم في مكافحة تهريب وترويج وتعاطي المخدرات قد أسفرت بتوفيق الله عن تنفيذ عدد من العمليات الأمنية التي أدت إلى إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات إلى المملكة عبر الحدود البرية والبحرية ، بالإضافة إلى الحيلولة دون ترويج كميات أخرى منها في عدة مناطق من المملكة.

وقال إنه نتج عن ذلك ضبط ( 864ر557ر5 ) خمسة ملايين وخمسمائة وسبعة وخمسين ألفاً وثمانمائة وأربعة وستين قرص كبتاجون ، و ( 340ر002ر3 ) ثلاثة أطنان واثنين كيلو وثلاثمائة وأربعين جراماً من الحشيش المخدر ، بالإضافة إلى تسعة عشر كيلو وخمسمائة وعشرة جرامات من الهيروين النقي ، وتمكن رجال الأمن بعون الله من القبض على مهربيها ومروجيها البالغ عددهم ( 81 ) سعوديا و ( 75 ) شخصا من جنسيات مختلفة.

وقد شملت العمليات الأمنية التالي:

1ـ إحباط محاولة تهريب ( 000ر779ر1 ) مليون وسبعمائة وتسعة وسبعين ألف قرص كبتاجون مخفية في تجاويف قوالب أسمنتية منقولة ، داخل مخابئ سرية ، على متن شاحنة.

2ـ إحباط محاولة تهريب ( 418ر007ر1 ) مليون وسبعة الآف وأربعمائة وثمانية عشر قرص كبتاجون تم إخفاؤها باحترافية في بطاريتين كبيرتين خاصة بالمعدات الثقيلة.

3ـ إحباط محاولة تهريب ( 800 ) ثمانمائة كيلو جراماً من الحشيش المخدر عبر الحدود البرية للمملكة.

4ـ إحباط محاولة تهريب كمية من المخدرات عبر السواحل الشرقية للمملكة حيث تمكن رجال الأمن من رصد وضبط أحد الزوارق التي تم الاشتباه به داخل المياه الإقليمية السعودية والقبض على شخص غير سعودي كان على متنه حيث عثر بحوزته على ( 450 ) أربعمائة وخمسين كيلو جراماً من الحشيش المخدر ، وكيلو جراماً من الأفيون ، و ( 500ر4 ) قرص كبتاجون.

5ـ ضبط تسعة عشر كيلو وخمسمائة وعشرة جرامات من مادة الهيروين المخدر النقي الذي يتم خلطه بمواد أخرى لتتضاعف كميته السوقية إلى ( 195 ) كيلو جراماً.

وأكد المتحدث الأمني بوزارة الداخلية أن رجال الأمن لن يتوانوا عن تنفيذ مهامهم لحماية المجتمع من آفة المخدرات ووقايته من أضرارها ، وسيظلون يعملون بمهنيتهم وشجاعتهم المعهودة للتربص بكل من يسعى لاستهداف المجتمع وأبنائه في أمنهم أو سلامتهم والقبض عليهم لتقديمهم إلى القضاء لنيل جزائهم العادل على ما يسعون إليه مكن شرور وفساد.

أغلى 400 دولار في العالم!! توفيت بداء السرطان وتركت "ثروتها" لأطفال غزة!!..."زهرة" طفلة جنوب إفريقية تفارق الحياة عن عمر سبع سنوات وقلبها متعلق بأطفال


زهرة"، طفلة في عمر الورد، من أسرة مسلمة في دولة جنوب إفريقيا، فارقت الحياة عن عمر لم يتجاوز السبع سنوات وهي تصارع مرض السرطان الذي لم يمهلها طويلا، لتلاقي ببراءتها وجه ربها سبحانه، ولكن ليس كأي طفلة أخرى، تاركة خلفها دروسا وعبر لعالم ظالم يدعي الإنسانية وهو فعليا يدعم كيانا صهيونيا مجرم داس على الطفولة ونزع البسمة من شفاه أطفال فلسطين.

زينب ومنى السموني مع مدير مكتب "الحقيقة الدولية" في غزة علي البطة.

زينب ومنى السموني

زينب ومنى السموني وقد تسلمتا "ثروة" المرحومة الطفلة "زهرة"
والد زهرة، السيد قاسم توثيا ( (Cassim Chothiaأستقبل وفد "الحقيقة الدولية" برفقة جمعية الإمداد الخيرية الإسلامية، فور وصوله إلى مدينة نيوكسل، 340 كيلوا متر شمال شرق العاصمة جوهانسبرغ، وفي عينيه ألم فراق طفلته المقربة إلى قلبه، وبدأ يسرد الرواية التي تأسر القلوب وتزرع فيها الأمل بأن فلسطين وأطفالها تقبع في أفئدة شعوب العالم الإسلامي جمعاء بأطفاله ونساءه وشيوخه، مهما حاول الصهاينة سلخها عن بعدها ومعانيها الإسلامية.
أغلى 400 دولار في العالم
يقول قاسم والدموع تنهمر من عينيه، كانت المرحومة زهرة، أقرب إليه وزوجته الصابرة من حبل الوريد، كونها ولدت بعد حرمان طويل من الأطفال، "وبعد معاناة رزقنا الله بهذه الطفلة، تلك الملاك الطاهر التي ملأت البيت علينا دفئا وحنانا ومحبة لفترة وجيزة".
الفاجعة، كما رواها قاسم، بأن طفلته أصيبت بداء السرطان، لتبدأ رحلة معاناة أخرى لعلاجها والحفاظ على الأمل الذي طال انتظاره، ولكن دون جدوى مصارعة هذا المرض الخبيث الذي أطفأ شمعة مضيئة وملاكا بريئا.
"زهرة" رددت بإيمان الشهادتين وروحها الطاهرة تتصعد إلى بارئها، ووالديها يحيطونها بحنان وصبر وإيمان بقضاء الله وقدره.
الرواية إلى هنا لا تتعدى بعدها العاطفي الأسري المحزن، فكم من أسرة فقدت فلذة كبدها في عمر الربيع، ولكن رواية المرحومة زهرة لم تنته هنا، وأخذت بعدا إسلاميا عالميا ذو معان ومغاز عظام.
فبعد مواراة جسدها الملائكي الطاهر الثرى، يقول والدها المفجوع، "عدنا إلى المنزل واحتضنا ملابسها ونحن في حالة هستيرية لفقدانها، وما خفف مصابنا أننا تفاجأنا بأنها خبأت مغلفا في خزانتها، يوجد به مبلغ ثلاثة آلف وثلاث مائة وأربع وتسعون راند ( ما يعادل 400 دولار أمريكي) وداخل المغلف رسالة كتب فيها وصية إلى والديها، تقول فيها، بأن هذا المبلغ قامت "زهرة" بجمعه من صديقاتها في المدرسة ومن أقاربها الصغار وادخرت جزء من مصروفها اليومي، وهو مساهمة منها ومن أطفال جنوب إفريقيا إلى أطفال غزة الذين فقدوا أباءهم وأحباءهم في العدوان الصهيوني الأخير على القطاع".
"زهرة" في وصيتها تطلب من والديها تسليم هذا المبلغ إلى أطفال غزة الأكثر معاناة
والد المرحومة زهرة، قام بتسليم فريق "الحقيقة الدولية" الـ 400 دولار الأغلى والأعز، في موقف عاطفي لا يمكن للكلمات أن تصفه، وهي يترحم على طفلته ولسانه يدعو لأهل فلسطين وأطفالها بأن ينصرهم الله سبحانه على أعدائهم ويثبتهم ويخفف عنهم البلاء.
تبرعات "زهرة" تصل من نيوكسل إلى غزة في لحظات
الدماء تجمدت في عروق وفد "الحقيقة الدولية" من هول المشهد، وحرارة الرواية التي أضفت دفئا على طقس المدينة الشديدة البرودة، فما كان منا إلا أن رفعنا الهاتف على الزميل علي البطة، مدير مكتب "الحقيقة الدولية" في قطاع غزة، على الفور وأثناء وجود الأب المكلوم، وشرحنا له القصة وطلبنا منه أن يسلم على الفور تبرعات المرحومة زهرة إلى أطفال القطاع، الزميل البطة أيضا بادلنا ذات المشاعر، واخبرنا أن هناك طفلتين وهما منى وابنة عمها زينب السموني اللتان فقداتا كلا والديهما وعدد من أشقائهما أثناء العدوان الإجرامي الصهيوني الأخير على القطاع.
الزميل البطة، قام على الفور بزيارة منزل الطفلتين (منى وزينب) وسلم كل واحد منهما 200 دولار وسرد لهما قصة الطفلة المرحومة زهرة، وأرسل لنا عبر البريد الإلكتروني صور تسليم تلك التبرعات، حيث قمنا بدورنا بتسليم تلك الصور لوالد ووالدة زهرة اللذان لم تسعهما الفرحة والسعادة كونهما تمكنا من تحقيق أمنية المرحومة زهرة تقبلها الله طيرا من طيور الجنة بإذن الله.
فلسطين إسلامية رغم أنف الصهاينة
هي كذلك.. ستبقى فلسطين.. كل فلسطين من النهر إلى البحر، بشعبها وشجرها وحجرها وكل ذرة من ترابها الطهور، في قلب كل مسلم ومسلمة، شيخاً أم طفلاً، حيا أم ميتا!، وستبقى هذه البقعة المباركة مهوى الأفئدة، بعيدا عن محاولة هنا او هناك، ومن هذا الطرف أو ذاك، لسلخها عن بعدها العربي الإسلامي، الذي لن تحرر إلا بهما، وان كل محاولات بني صهيون لخلع فلسطين من قلوب أهلها قد فشلت، و"زهرة" هي اكبر دليل.
يا حبيبة أطفال فلسطين رسالتك وصلت، وثروتك من الحب حفظت في القلوب، نسأل الله أن يتغمدك وكل شهيد روى بدمائه الطاهرة الزكية ارض فلسطين واسع رحمته.
منى وزينب السموني: عيون ما بين الدموع والابتسام!

الحقيقة الدولية - غزة - علي البطة - فقدت الأولى والديها واثنين من أشقائها الكبار، وكذلك الثانية فقدت والديها واثنين من أشقائها في الحرب العدوانية الاسرائيلية التي شنتها على قطاع غزة نهاية ديسمبر الماضي.

منى وزينب ابنتا عم جمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي كل رجال عائلتهما في بيت عمهما الثالث لعدة ساعات ، وأعطتهم الأمان من القصف مدفعية الدبابات وصورايخ الطائرات إن لزموا البيت المحدد ، ما هي إلا ساعات وإذ بالصواريخ والقذائف الاسرائيلية تدك البيت على رؤوس من فيه.

فاستشهد دفعةً واحدة (38) فرداً من العائلة من بين رجل كبير وامرأة وطفل ، حوالي نصف شهداء عائلة السموني هم من أقرباء منى وزنيب من الدرجة الأولى .

أصبحت العائلة ومساكنها الى قبلة للمتعاطفين والمتضامنين مع مأساة العائلة ، وأصبح الأطفال من العائلة الذين فقدوا الآباء محل عطف واهتمام الجميع ، أطفال العائلة ما زالوا يعيشون الصدمة الصاعقة التي عاشوها .

تزينت منى وزينب عندما جاء اتصالاً لهما بالاستعداد لتسلم هدية مادية رمزية مقدمة من قرينتهم الطفلة الجنوب افريقية المرحومة زهرة توشيا في الرابع من شهر يونيو /حزيران الجاري .

لبستا ثياباً جديداً ، واستعدتا للقاء مندوب عائلة زهرة توشيا التي فارقت الحياة عن سبع سنوات قبل أيام بعد أن جمعت لأطفال فلسطيني في قطاع غزة (3994 راند جنوب إفريقي) ما يعادل (400) دولار أمريكي .

تسلمتا كل من منى وزينب (200) دولار اميركي وعيونهما زائغتان بين الابتسام والدموع عندما علما قصة زهرة، ترحمتا على زهرة، ودعتا لها بالمغرفة والرحمة والجنة، وثمنتا وقفة كل أطفال جنوب إفريقيا مع أطفال فلسطين.

أكدت منى أنها لن تنسى زهرة طوال العمر " كلما اذهب لزيارة أهلي في المقبرة سأدعو لها الى جانب أهلي " إنني أحبها من قلبي ، وقالت زينب إنها ستزور عائلة زهرة لو سافرت الى جنوب إفريقيا " أنا واحدة من أهلك سأزورهم إن ذهبت الى هناك لأقدم لهم العزاء
الحقيقة الدولية – القاهرة – مصطفى عمارة 9.6.2009

كشف عالم جيولوجي مصري أن الحرب القادمة ضد مصر ستكون حرب المياه، خاصة أنها تخسر سنويا ما لا يقل عن 10 مليارات متر مكعب من حصتها من المياه.

وأكد العالم الجيولوجي المصري الدكتور رشدي سعيد، أن حصة مصر الكبيرة من مياه النيل لم تعد مضمونة، مما يعرض مصر للدخول في حرب مياه في المرحلة القادمة، خاصة بعد سعي بعض الدول لتعديل اتفاقية تقاسم مياه النيل الموقعة منذ عام 1929، ووجود الأطماع الصهيونية في مياه نهر النيل من خلال بعض الدول المطلة على النهر.

وكانت مصر رفضت الشهر الماضي التوقيع على اتفاقية الإطار التعاوني لدول حوض النيل التي كانت أعدت للتوقيع النهائي عليها في اجتماع وزراء الموارد المائية لدول حوض النيل العشر الذي انعقد في عاصمة الكونغو الديمقراطية كنشاسا الشهر الماضي.

ويرجع الدكتور سعيد، رفض مصر للتوقيع على اتفاقية الإطار التعاوني لدول حوض النيل الى عدة بنود جاءت في الاتفاقية كان من أهمها عدم تضمين البند 14 من الاتفاقية والخاص بالأمن المائي نصا صريحا يضمن لمصر حقها التاريخي في الحصول على حصتها الحالية من مياه النيل، كما اعترضت مصر أيضا على عدم تضمين الاتفاقية نصا يلزم دول الحوض بالالتزام بشروط البنك الدولي عند القيام ببناء المشروعات او السدود على النهر التي تتطلب الإعلان واخذ رأي وموافقة دول الحوض قبل القيام بها، كما طلبت مصر القيام بتعديل الفقرتين (أ، ب) من المادة 34 من الاتفاقية بحيث لا يتم اتخاذ أي تعديل في الاتفاقية إلا بالإجماع او على الأقل بحيث يتضمن صوتا واحدا على الأقل من دولتي المصب وهما مصر والسودان وذلك تجنبا لإمكان استخدام أغلبية دول المنبع لتمرير ما يمكن ان يضر بمصالح دولتي المصب.
ويضيف الدكتور سعيد ان إعداد هذه الاتفاقية اخذ من الوقت قرابة 12 سنة فقد بدأ الإعداد لها في عام 1997 حين اجتمعت اللجان الفنية من خبراء دول الحوض، وفي عام 2007 تم عرض ما تم الاتفاق عليه في هذه اللجان على مجلس وزراء الموارد المائية لدول الحوض وبعد مناقشات مستفيضة لم يتخذ المجلس قرارا بشأنها وان كان قد أحالها الى رؤساء الدول المعنية لحل ما لم يتمكن الوزراء من التوصل الى رأي نهائي فيها والتي جاء في مقدمتها قضية الأمن الغذائي لدول الحوض وعلى الأخص دولتي المصب مصر والسودان، وفي أعقاب هذا الاجتماع قام رئيس المجلس وزير الموارد المائية لدولة الكونغو بزيارة دول الحوض العشر قرر على أثرها عقد حفل التوقيع النهائي عليها في كنشاسا يوم 22 أيار الماضي، ولذا كانت مبادرة حوض النيل على وجه العموم ومناقشات لجانها على وجه الخصوص تحاط بالسرية وعدم الشفافية.

أطماع صهيونية

ويرى عميد معهد البحوث والدراسات الأفريقية الدكتور السعيد البدري، ان القرن الحادي والعشرين هو قرن حرب المياه وانخفاض كميات تزايد المياه وارتفاع زيادة أعداد السكان وزيادة معدلات النمو الصناعي وارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم، وبالتالي زيادة التبخر وتزايد الطلب على المياه المحددة مما يثير الصراع حولها، كما ان هناك تحديات تبرز في عدم زيادة معدلات المياه من نهر النيل وقلة سقوط الأمطار وزيادة أعداد السكان في دول حوض النيل وبالتالي زيادة دول حوض النيل في هذه الدولة.
ويشير الدكتور البدري الى ان المياه التي تنبع من أراضيها الى دول المصب لن تستفيد منها اقتصاديا، وما زالت الأطماع الإسرائيلية تغازل بعض دول حوض النيل للحصول على نقطة مياه من نهر النيل في ظل الهيمنة الأمريكية السائدة على العالم، وهو ما يتطلب مواجهة هذه التحديات والتخطيط لسياسة مائية وإقناع دول الحوض بعدم حاجتهم لكميات كبيرة من المياه وأنهم أغنياء بسقوط الأمطار عليهم ولابد من تطوير إمكانياتهم الاقتصادية في مجال إدارة الموارد المائية.

ويعترف وزير الري والموارد المائية المصري الأسبق الدكتور محمود أبو زيد، انه لا يتم استغلال سوى 4 بالمائة فقط من مياه النيل، وأن هناك عددا من التحديات التي تواجه الموارد المائية في مصر والمتمثلة في زيادة عدد السكان.
وقال الدكتور أبو زيد ان حجم المياه المتاحة للاستهلاك في مصر يقدر بنحو 68 مليارا و 700 مليون متر مكعب من المياه منها 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل ومليار متر مكعب من مياه السيول، و 6.5 مليار متر مكعب من المياه الجوفية، و 5 مليارات من مياه الصرف الزراعي، و700 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي، خاصة وان نسبة الاستهلاك المائي في الزراعة 85 بالمائة، والصناعة 9.5 والاستهلاك المنزلي 5.5، وان المستهدف في خطط التنمية استصلاح واستزراع 3 ملايين و 400 ألف فدان تحتاج الى مياه غير تقليدية مثل المياه الجوفية وإعادة استخدام الصرف الزراعي والصحي وترشيد استخدام مياه النيل والحد من تلوث المجاري المائية مما يعد تحديا كبيرا أمام الأمن المائي المصري في ظل محدودية الموارد المائية وتزايد الطلب والاستهلاك والتوسع الزراعي والصناعي والعمراني.

التمسك بالحقوق التاريخية

ويؤكد الخبير الزراعي المصري المهندس محمد عبد المنصف، ان مصر متمسكة بحقوقها التاريخية المكتسبة من الاتفاقيات التاريخية التي وقعتها مع دول الحوض حيث تقوم مصر بالتشاور والتنسيق مع دول الحوض العشر المسماة بـ "الاندوجو"، وقامت بدعم لهذه الدول سواء في شأن المياه أو ربط دول المنطقة بشبكة كهربائية، وتم بالفعل إقامة مشروع لتوليد الطاقة في أسوان وتوصيله لجمهورية الكونغو. أما الدول التي تشارك في نهر النيل من غير الدول الثلاث فهي زائير ورواندا وبوروندي وأوغندا وتنزانيا وكينيا فقد اتخذت بعضها إجراءات مماثلة للإجراءات الأثيوبية في الماضي، إذ أعلنت تنزانيا عدم الاعتراف باتفاقية 1929 لان الاستعمار البريطاني هو الذي وقع عليها وسارت أوغندا وكينيا في هذا الاتجاه مما حال دون تنفيذ العديد من المشروعات التي استهدفت تنمية موارد النيل من خلال الاتفاقيات العديدة بين هذه الدول ومصر كدولة مصب بشكل خاص لتنظيم الاستفادة من مياه النيل في مشروعات التنمية في هذه البلدان بعد استقلالها رغم ان هذه الدول الست لا تستخدم سوى 50 مليار متر مكعب من المياه.

تقارير ودراسات تحذر من أزمة مياه

وكان تقرير مائي مصري نشر مؤخرا حذر من خطورة أزمة المياه حيث يستهلك 1000 طن من المياه لإنتاج طن من الحبوب، مبينا أن حجم المياه المطلوب في عام 2025 سيزيد بمقدار 50 بالمائة بسبب العدد السكاني المتزايد والبحث الدائم عن مستوى زراعي أفضل.

وأكد التقرير الذي أعدته الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، على ضرورة التشاور بين دول الحوض بشان أية ترتيبات قد تؤثر في الموارد المائية في الحاضر او في المستقبل، مبينا أن الأمر يتطلب عقد اتفاقية شاملة بين دول الحوض التسع لتحديد حصصها من مياه النيل وينطبق ذلك بشكل خاص على دول الحوض الرئيسية الثلاث مصر والسودان وأثيوبيا، خاصة وانه ليس هناك قانون دولي يحكم استخدام الأنهار المشتركة معها وليس هناك حاليا إلا تعاون محدود بين دول الحوض، وليس هناك سوى اتفاقية واحدة بين مصر والسودان في تقاسم مياه النهر عقدت عام 1959 وهناك لجنة مشتركة للتنسيق حول مياه النهر ولكن أثيوبيا لا تشارك فيها مع أنها تجتمع بشكل دوري منذ عام 1976، ولم تتوصل حتى الآن الى اتفاق بشأن استغلال عادل لمياه النهر.
ويشير التقرير الى ان اتفاقية عام 1959 بين مصر والسودان والتي جاءت اثر مطالب السودان بتعديل اتفاقية عام 1929 التي تمت تحت إشراف بريطانيا للانتفاع الكامل بمياه النيل من الاتفاقيات النموذجية في هذا الشأن، أخذت بعين الاعتبار حاجة كل منهما فضلا عن حقوقهما التاريخية في المياه واستندت الى العرف الدولي في جميع بنودها، ويحصل السودان بموجبها على 18.514 مليار متر مكعب سنويا في حين تحصل مصر على 55.5 مليار متر مكعب سنويا، وإذا أضيف إليها الفاقد المقدر بـ 10 مليارات متر مكعب سنويا لأصبح المجموع 84 مليار متر مكعب هي حقها من مياه نهر النيل بعد دخوله للأراضي السودانية


الحقيقة الدولية ـ عمان ـ باسمة العابد

شنت النائب ناريمان الروسان هجوما شرسا على اتفاقية سيداو معتبرة أن من يسعون وراء تنفيذ بنود تلك الاتفاقية يهدفون إلى تمرير أجندات غربية تسعى إلى تفكيك المجتمع الأردني والعربي المحافظ.

وأكدت الروسان في تصريحات خاصة لـ "الحقيقة الدولية" أن الأمريكان هم الأكثر حرصا على تنفيذ بنود الاتفاقية في الدول العربية والإسلامية وأنهم يضغطون على الدول لتمرير أجنداتهم من خلال مثل هذه الاتفاقيات تحت غطاء الحريات وحقوق الإنسان.

واعتبرت الروسان منح المرأة المزيد من الحرية ومساواتها بالرجل سيكون على حساب أسرتها ومستقبل أبنائها وشخصيتها وكرامتها مؤكدة في ذات الوقت بان الإسلام كفل كرامة المرأة وحقوقها وليس الأمريكان.

وأشارت الروسان إلى أن بعض الجهات التي تدور في فلك بعض الجهات الأجنبية أهدافها واضحة ومكشوفة ومفضوحة وهي الحصول على المكاسب المادية على حساب كرامة ومكانة المرأة العربية وبخاصة في المجتمعات المسلمة والمحافظة.

وأضافت النائب الروسان أن الأردن شهد خلال السنوات العشر الأخيرة انتشارا واسعا لمؤسسات مجتمع مدني منها مشبوهة وتعمل بغطاء أجنبي تعمل لتحقيق اكبر قدر من المكاسب المالية من جهات غربية تعمل ليل نهار على خلخلة وتفكيك المجتمعات المسلمة.

وأوضحت بان أعداء الإسلام والأمة لم يفلحوا في الانتصار على العرب والمسلمين ولذلك اختاروا الطريق الأسهل وهو السيطرة على المرأة العربية كونها أساس كل بيت وان السيطرة عليها من خلال منحها حقوقا لم ترد في الشرع الإسلامي يعد انتصار لتلك الجهات التي رأت في هذا الأسلوب معولا لهدم المجتمعات المحافظة.

ومن جانب آخر أشارت الروسان إلى عدم وجود تقارب بين أعضاء مجلس النواب من السيدات لكنه يجمعهن الاحترام المتبادل، مبينة أن هناك بعض اللوبيات داخل البرلمان كانت تعمل جاهدة لإجهاض أي وجهة نظر تتبناها وان معظم تلك المواقف تأتي من باب الغيرة النسائية.

ولفتت إلى وجود متنفذين داخل مجلس النواب وخارجه عملوا بكل جهد من اجل تشويه سمعتها بهدف إسكات صوتها تحت قبة البرلمان، مؤكدة في ذات الوقت أن كافة محاولات النيل منها لن تثنيها عن مواصلة جهودها في كشف الفساد وملاحقة المفسدين.

وشدد النائب الروسان على ضرورة تعديل بعض القوانين المتعلقة بالاقتصاد كونها وضعت من اجل خدمة بعض المتنفذين على حساب المصلحة الوطنية، مؤكدة أن هناك من استغل الثغرات التي تحكم العمل الاقتصادي لنهب ثروات الوطن.

ودعت الروسان إلى ضرورة أن يتفهم المجتمع الأردني الدور الذي تقوم به المرأة وان يكون انتخاب المرأة في الدورة المقبلة مبنيا على أساس الخبرة والمعرفة والتجارب السابقة وان لا يكون الانتخاب مبينا على أسس عشائرية مع الاحترام والتقدير لكافة العشائر الأردنية.

وأكدت الروسان أن العمل النيابي يتطلب الأمانة والإخلاص للوطن كون طبيعة عمل النائب تعرضه للكثير من المغريات لافتة في ذات السياق إلى محاولة احد المسؤولين الحكوميين الكبار رشوتها من اجل السكوت عن قضية رفضت الكشف عنها.

وأشارت النائب الروسان إلى تعرضها إلى كثير من محاولات الإحباط وإفشالها بسبب اهتمامها بقضايا اعتبرتها من العيار الثقيل ومثار جدل، إضافة إلى عدم خوفها أو ترددها في طرح مواضيع بالغة الأهمية.

المصدر : الحقيقة الدولية ـ عمان ـ باسمة العابد- 11.6.2009
قادة الاحتلال يمارسون التنصير
الاحتلال يوزع نسخا من الإنجيل باللغات المحلية
في فضيحة جديدة لقوات الاحتلال الأمريكي بأفغانستان ، بثت قناة الجزيرة في 4 مايو صورا تظهر قيام جنود أمريكيين بتوزيع نسخ من الإنجيل على السكان المحليين بالقرب من قاعدة باجرام العسكرية قرب العاصمة الأفغانية كابول ، وهو الأمر الذي يؤكد أن حملات التبشير لم تقتصر فقط على بعض المنظمات التي تعمل تحت ستار الإغاثة وإنما هى سياسة مقننة من قبل البيت الأبيض.

والدليل على ذلك أنه بجانب الصور ، بثت الجزيرة أيضا فيلما وثائقيا أنتجه الأمريكي برايان هيوز وهو عسكري سابق بأفغانستان ويظهر بعض الضباط والجنود الأمريكيين في جلسات دينية خاصة يتحدثون عن أهمية نشر تعاليم المسيحية في صفوف الأفغان.

وفي مشهد من الفيلم المذكور، يلقي أسقف بالجيش الأمريكي أمام الجنود كلمة يؤكد فيها أهمية التبشير الذي يصل إلى مستوى العمليات القتالية بقوله "الجنود يصطادون الرجال، ونحن علينا أن نصطاد الرجال من أجل دعوتهم إلى مملكة الرب عبر التبشير".

ويبدو أن حرية الأديان والتسامح الديني هى ذريعة الحكومة الأمريكية لإختراق المجتمع الأفغاني المعروف بتمسكه الشديد بدينه الإسلامي ، حيث كشفت وكالة "أسوشيتدبرس" في تقرير لها مؤخرا أن لجنة حكومية أمريكية تسعى لإرساء دعائم النشاط التنصيري في أفغانستان مستغلة سقوط نظام طالبان وتوسع النفوذ الأمريكي هناك ، قائلة :" وبفعل قناعة المنصرين بصعوبة مهمتهم وسط مجتمع متمسك بدينه يشبه النشاط التنصيري الثعبان الذي يسعى للتسلل إلى داخل البيت الأفغاني على حد تعبير نعيم آخوند أحد أئمة قندهار".

وأضاف التقرير أن مساعي التنصير تلك تحتمي بشعارات مثل "حرية الأديان" و "التسامح الديني" ، مذكرة في هذا الصدد باستقبال الرئيس الأمريكي جورج بوش المنصرتين الأمريكيتين داينا كوري وهيثر ميرسر بعد إطلاق سراحهما في أفغانستان استقبال الأبطال ، بينما اعترفت ميرسر بمحاولة تنصير بعض الأفغان رغم أنها أنكرت ذلك خلال جلسات محاكمتها من قبل نظام طالبان ، وفي استهتار واضح بمشاعر الأفغان ، أضافت ميرسر أنها ترغب في العودة لتكرار ما قامت به دون ندم.

وأوضح أن حملات التنصير بدأت منذ الأيام الأولى للغزو في عام 2001 ، عندما بعثت بعثت اللجنة الحكومية الأمريكية من أجل الحرية الدينية في العالم برسالة إلى وزير الخارجية آنذاك كولن باول حثته فيها على ضرورة استغلال الإدارة الأمريكية لنفوذها في أفغانستان من أجل "ترقية فكرة إقامة نظام حكم يطبق مبدأ التسامح الديني" ، مشيرة إلى أن
تلك اللجنة كانت عينت من قبل الكونجرس والرئيس بناء على قانون صادر في العام 1998 من أجل مراقبة الحريات الدينية عبر العالم.

حملات التنصير في تصاعد
وكشف التقرير أيضا أن مبادرات الإدارة الأمريكية في مجال النشاط التنصيري تحظى بدعم المنظمات التنصيرية ، حيث يقول الناطق باسم لجنة التنصير الدولية في مدينة ريتشموند بولاية فرجينيا وندي نورفيل :" إن الإنجيل يكلفنا بتقاسم إيماننا مع الآخرين" ، كما نشر بن هومان وهو مدير منظمة مسيحية تنشط في مجال الإغاثة رسالة مفتوحة على الأنترنت عبر فيها عن أسفه لأنه لم يجد ولا كنيسة واحدة خلال زيارته لأفغانستان ، قائلا :" يقف المجتمع الأفغاني على عتبة الموت من دون المسيح، إننا نحتاج إلى وقت أكثر لعرض حقيقة إبن الرب على المسلمين في العالم".

وانتهى إلى القول إن أفكار نورفيل وهومان تسيطر على منظمات كثيرة خارج أمريكا على غرار منظمة "ملجأ الآن" الألمانية التي توظف المنصرين الأمريكيين كوري وميرسر حيث يقول رئيسها جواكيم جايجر إنه يتعين على كل بلد في العالم ضمان الحرية الدينية لمواطنيه وينفي في الوقت ذاته النشاط التنصيري عن منظمته رغم اعتراف ميرسر بمساعي موظفيها لرد المسلمين الأفغان عن دينهم.

طالبان أول من فجرت القضية
وكانت حركة طالبان أول من فجرت قضية التنصير في أفغانستان عندما قامت في 2007 باختطاف 23 شخصا من كوريا الجنوبية ، متهمة إياهم بتنفيذ حملات تنصير في المناطق الفقيرة والنائية في أفغانستان .

هذا الحادث أشعل ثورة غضب داخل أفغانستان وحتى داخل كوريا الجنوبية نفسها ، خاصة وأن طالبان اشترطت انسحاب القوات الكورية للإفراج عنهم ، وهو ما تم بالفعل في اواخر 2007 .

عدم التعاطف مع المختطفين الـ 23 داخل بلادهم كان بسبب إظهار كوريا على أنها دولة مسيحية تنصيرية، في حين أن غالبية سكانها بوذيون (23%) وملحدون (49%)، وقرابة 27-31% فقط مسيحيون .

لقد ورط هؤلاء الأشخاص الدولة البوذية في مشكلات سياسية ودينية رغم أن المسيحيين فيها أقلية ، واضطرت لإصدار قرار في 27 يوليو 2007 يحظر سفر مواطنيها إلى كل من أفغانستان والعراق والصومال مع معاقبة كل مواطن كوري يدخل هذه الدول بدون إذن من الحكومة وضرورة أن يترك الكوريون الجنوبيون المقيمون هناك تلك الدول في أسرع وقت ممكن ، وهو ما دعا كنيسة "سايمول" الواقعة في ضواحي العاصمة الكورية الجنوبية سول والمسئولة عن إرسال المنصرين الرهائن لأفغانستان لسحب 42 مبشرا آخرين كانوا يعملون في أفغانستان.

أيضا دعت وسائل إعلام محلية الكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية في البلاد إلى إعادة النظر في سياستها الخاصة بإرسال البعثات التنصيرية إلى الخارج خصوصا للدول الإسلامية وانتقدت سيطرة المسيحيين على سياسة الدولة الكورية وإظهار توجه مسيحي لها بعد إرسال 17 ألف مبشر مسيحي للدول الإسلامية ومنها العراق حيث خطف أيضا ثمانية منهم هناك ، محذرة من أن تورط كوريين في أعمال التنصير أدى إلى تشويه صورة كوريا الجنوبية في أعين العالم الإسلامي وأضر بمصالحها الخارجية.

ويرى مراقبون أنه في دولة كأفغانستان يدين 100% من سكانها بالإسلام ، فإن التزام حكومتها الصمت تجاه أنشطة التنصير من شأنه أن يؤجج الغضب الشعبي ويجلب لها المزيد من الاتهامات بالعمالة لأمريكا ، بل ويزيد شعبية طالبان أكثر وأكثر ، وبالنسبة للاحتلال فإنه باستفزازه الصارخ لمعتقدات الأفغان عبر توزيع نسخ من الإنجيل باللغات المحلية (البشتو والداري) على السكان المحليين وحرق المصاحف وتدنيس المساجد ، يكون قد رسم بنفسه نهاية مأساوية لقواته بأفغانستان وبعبارة أخرى يكون قد زرع بذور فنائه.
جهان مصطفى
محيط