Sunday, May 24, 2009

أبوظبي تتمرد على النفوذ السعودي في الخليج




يقول المحللون إن قرار دولة الإمارات العربية المتحدة الانسحاب من مشروع الوحدة النقدية الخليجية هذا الأسبوع يعد دليلا على ضعف النفوذ السعودي في شبه الجزيرة العربية حيث كانت تعتبر المملكة نفسها القوة الرائدة في المنطقة.

وقال تريستان كوبر من 'موديز ميديل ايست'، 'قرار الإمارات صفعة لوحدة مجلس التعاون الخليجي بشكل عام ويمكن تفسيره كدليل على تغيير ميزان القوى بين السعودية والدول الأصغر الأكثر غنى في مجلس التعاون الخليجي بمرور الوقت'.
وجاء قرار الإمارات بعد أسبوعين فقط من اتفاق زعماء دول الخليج العربية في قمتهم في الرياض على ان تستضيف السعودية أكبر اقتصاد في المنطقة وأكبر مصدر للنفط في العالم المجلس النقدي المشترك لدول المجلس وبالتالي البنك المركزي الذي سيدير العملة الجديدة.
وقال المؤرخ البريطاني كريستوفر ديفيدسون 'اقامة البنك المركزي في الرياض حيث لا يوجد حتى مركز للتعاملات المالية العالمية يشبه العودة إلى السبعينات عندما كانت السعودية تستأسد على الآخرين'.
وأضاف 'انها حتى لم تعترف بالإمارات كدولة حتى عام 1974 بعد ثلاث سنوات من تأسيسها'.
وربط ديفيدسون الخلاف العلني النادر من نوعه بالتراجع الاقتصادي العالمي وتداعياته السياسية على دول الخليج.
فتضررت خطط التوسع الاقتصادي بشدة في أغلب دول مجلس التعاون الخليجي بسبب تراجع أسعار النفط وأزمة الائتمان لكن البعض كان أقل تضررا مثل قطر وإمارة أبوظبي.
وقال وزير خارجية الإمارات العربية الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان صراحة الخميس إن بلاده لا تريد أن تصبح جزءا في اتحاد لا يعترف بقوتها الاقتصادية. وأضاف ان اختيار الرياض استند إلى اعتبارات لا تتعلق بمزايا المكان ملمحا إلى رؤية السعودية لنفسها باعتبارها القوة الرائدة في المنطقة.
ومشروع الوحدة النقدية الذي يشهد حالة من الاضطراب الآن قابل للتنفيذ نظريا فالدول الاعضاء تجمعها وحدة اللغة والعرق ولديها عوامل مشتركة أكبر بكثير من تلك التي تجمع دول الاتحاد الأوروبي.
ويقول جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين في بنك ساب في الرياض إن السعودية مازال لديها أسباب وجيهة لاستضافة البنك المركزي الخليجي.
وأضاف 'البنك المركزي يجب أن يقام في دولة لديها نظام رقابي قوي. والسعودية رائدة في هذا المجال'. وتابع 'السعودية هي أكبر اقتصاد عربي وستقوم بشكل طبيعي بالدور الذي تقوم به المانيا في الاتحاد الأوروبي'.
لكن دول الخليج الأصغر حجما قاومت جهودا للارتباط سياسيا وثقافيا بالسعودية الأكبر من حيث عدد السكان في المنطقة حيث يقطنها 25 مليون نسمة.
وقادت الإمارات هذا الطريق بالسماح بوجود فقاعات من الليبرالية الغربية في المدن سريعة النمو العمراني لدرجة أن المواطنين أصبحوا يمثلون أقلية صغيرة في بلادهم.
وفي عام 1995 أغضب أمير قطر الجديد الرياض بارساء سياسية مستقلة تستند إلى قناة الجزيرة الاخبارية التلفزيونية التي تكسر كل المحرمات في الاعلام العربي وموارد قطر الهائلة من الغاز الطبيعي.
وارتبطت عمان - التي تخشى من تأثير المذهب الوهابي السعودي على توازنها الطائفي- بقطر وتقيم الدولتان علاقات وثيقة مع إيران على الرغم من رغبة السعودية في تشكيل جبهة قوية لنبذ طهران.
وتخشى الرياض من أن تحظى الجمهورية الإسلامية الشيعية باعتراف أمريكي باعتبارها القوة الرئيسية في المنطقة.
وقال دبلوماسي غربي في الكويت 'دول الخليج غير مستعدة للتخلي عن سيادتها'. وأضاف 'السعودية غير مستعدة للسماح للإمارات باستضافة البنك المركزي حتى وإن كانت الرياض مكانا أصعب لاقامة أعمال فيه وأقل ارتباطا بالتجارة العالمية'.
ويقول المحللون إن الوحدة النقدية الخليجية تضررت كذلك بالافتقار للديمقراطية والقدرة على محاسبة الحكام الذين يتمسكون بالحدود التي وضعت في أوقات الاستعمار.
وقال ديفيدسون 'التنافسات القديمة مازالت قائمة حتى وأن كان من المنطقي التحرك باتجاه السوق الواحدة'.
وتأسس المجلس الذي يضم الإمارات والسعودية والكويت والبحرين وقطر وعمان في عام 1981 عندما شعرت القوى المصدرة للنفط في شبه الجزيرة العربية بالتهديد من جانب إيران الثورية.
وفي عام 2001 بعد ان شكلت هجمات 11 أيلول (سبتمبر) ضغوطا على دول الخليج بسبب نظمها السياسية التي ينظر إليها باعتبارها بيئة خصبة لتوليد التشدد الإسلامي قرر المجلس المضي قدما في خطط الوحدة النقدية والعملة الموحدة.
والآن على الرغم من الافتقار البادي للإرادة السياسية يتوقع الرأي العام ان تتحرك الحكومات لتعزيز التكامل بين دول الخليج العربية.
وقال عبد الخالق عبدالله استاذ العلوم السياسية في الإمارات إن الرغبة في الاتحاد وحل الأمور بشكل مشترك واقامة نوع من التنظيم المتكامل هي رغبة مشتركة على جميع المستويات. (الكاتب أندرو هاموند رويترز

No comments: