Sunday, June 14, 2009

السعودية تشن حرب "الشاحنات" ضد الإمارات عقاباً على انسحابها من مشروع العملة الخليجية



الكاتب وطن

يواجه الآلاف من سائقي الشاحنات ظروفا تزداد حرجا كلما مر يوم جديد على "حرب الأيام السبعة" التي يتطلبها الانتظار على الحدود بين السعودية والإمارات.
وكانت السعودية بدأت الحرب بتضييق الخناق على الممرات الحدودية بين البلدين وذلك على إثر القرار الذي اتخذته الإمارات بالانسحاب من مشروع العملة الخليجية الموحدة.

وما يزال أوار الحرب مشتعلا حتى بلغ طول الشاحنات التي تنتظر العبور الى الأراضي السعودية 25 كيلومترا.

ويتلقى سائقو الشاحنات معونات من سلطات الطرق الإماراتية لتزويدهم بالطعام والمياه لتخفيف معاناتهم وهم ينتظرون ان يصلهم الدور للتفتيش.

ووجدت السلطات السعودية في الخشية من أعمال تهريب ذريعة لتحويل حياة السائقين الى جحيم حقيقي وسط درجات حرارة تصل في النقطة الحدودية الصحراوية بين امارة ابوظبي والسعودية (الغويفات) الى ما فوق 45 درجة مئوية في هذه الفترة من السنة.

وكانت السلطات السعودية عمدت الى اخذ صمات سائقي الشاحنات، ولكن ليس من الواضح من اجل أي غرض ستستخدم هذه البصمات. فسائقو الشاحنات مسجلون لدى الشركات التي تقوم بتوظيفهم. ومعظم هذه الشركات سعودية، وبالتالي فان سجلات العاملين فيها ليس بعيدة عن السلطات السعودية.

ولكن الامر لا يقتصر على أخذ بصمات. ذلك ان موظفي الجمارك السعوديين يطيلون الاجراءات على نحو يبدو متعمدا من اجل خنق حركة المرور بين البلدين.

وتحاول السعودية بذلك ان تعاقب الإمارات على قرارها الانسحاب من العملة الخليجية الموحدة التي وقع وزراء خارجية السعودية وقطر والبحرين والكويت اتفاقيتها الاسبوع الماضي.

وتزيد فكرة العقاب نفسها من الشكوك بأهلية السعودية على قيادة عمل ذي طبيعة استراتيجية من قبيل إنشاء عملة موحدة. فهذا مشروع يفترض انه مبني على أسس التعاون والمصالح المشتركة. كما يفترض أن يجذب الأطراف الأخرى اليه بمنافعه لكل منها، لا بالقيام بأعمال إبتزاز.

ونظريا يوجد اتحاد جمركي بين السعودية والإمارات، وهو ما يعني ان التنقلات وحركة البضائع بين البلدين يجب ان تكون مفتوحة وغير مقيدة بأي عقبات بيروقراطية من قبيل "اخذ البصمات" او إعادة تسجيل البضائع. كما ان اجراءات التفتيش تقع على عاتق السلطات المحلية وليس بالضرورة نقاط التفتيش الحدودية.

والسعودية هي الباب الوحيد لوصول البضائع من الإمارات الى دول خليجية اخرى مثل الكويت وقطر والبحرين والى باقي البلدان العربية.

ويقول محمد خليفة المهيري المدير العام للجمارك الاماراتية الاتحادية ان الجانب السعودي اثار مسالة تهريب المخدرات والخمور الى المملكة عبر الشاحنات دون تقديم ادلة. ويضيف انه يزمع اللقاء بنظرائه السعوديين الاثنين لبحث الأزمة.

ويبلغ حجم التبادل التجاري بين الامارات والسعودية 54.48 مليار درهم (14.84 مليار دولار) سنويا.

ولكن العنصر الأهم في المسألة هو انه بينما تتعرض الإمارات للوم بسبب رفضها الإلتحاق بمشروع العملة الخليجية، فالحقيقة هي ان معظم شركات الشحن التي تتعطل أعمالها على الحدود هي شركات سعودية.

وبذلك، فان العقوبات السعودية ضد الإمارات تبدو كمن يلحق الضرر بنفسه.

وتذهب مخلية الضغوط السعودية من اجل انقاذ العملة الخليجية الموحدة من غرق محتمل، الى انك إذا شعرت بالألم في قدمك اليسرى، فكل ما يتوجب عليك عمله هو أن تطلق النار على قدمك اليمنى.

وحتى الآن تحاول الشركات السعودية المتضررة من حرب الشاحنات ان تتحمل المضار والعواقب الناجمة عن تعطيل نشاطاتها التجارية، إلا أن الوقت لن يطول قبل أن يجد المتضررون أنفسهم في مواجهة مع سلطات تريد أن تعاقب الإمارات، فتطلق النار على مصالح شركاتها الخاصة.

ويخشى ان تحاول السعودية الانتقال من حرب الشاحنات الى حروب أخرى تخفي وراءها خشيتها الضمنية من فشل مشروع العملة الموحدة. فالمرء لا يتخذ إجراءات من هذا القبيل إلا لأنه يشعر بالخوف من أن مشروعه يقوم أسس غير صحيحة.

وكان من الممكن بالنسبة لحليفين تاريخيين أن يبقيا باب التفاوض مفتوحا حول بعض الشروط التي طلبت الامارات توفيرها قبل الانخراط في مشروع العملة الموحدة، ومنها طلب الإمارات بان تكون أبوظبي او دبي مقرا للبنك المركزي الخليجي. إلا ان شعور الرياض بانها "الأخ الأكبر" الذي يجب ان يملي إرادته على "اخوته الصغار" دفعها بعيدا عن الاطر المألوفة للحوار.

وتقدم حرب الشاحنات دلالة ضمنية على فقر "وسائل الإقناع" السعودية. إلا انها تقدم، من باب آخر، دليلا مبكرا على وجود قناعة بان "اليورو السعودي" الذي تزمع الرياض اصداره باسم حركي هو "العملة الخليجية الموحدة"، لن يحظى بالثقة الكافية في الأسواق العالمية مع وجود ثاني أكبر قوة اقتصادية خليجية خارجه. كما إن بقاء الدرهم الإماراتي مستقلا سوف يجعل "اليورو السعودي" عرضة لمضاربات عنيفة داخل وخارج سوقه.

وقد تجد السعودية نفسها، في ذلك الحين، لا تكتفي بأخذ بصمات سواق الشاحنات على الحدود بينها وبين الإمارات، ولكن تأخذ بصمات مدراء المصارف والبنوك والمتعاملين في البورصات أيضا. وليس من المستبعد أيضا أن تقطع الطرق على سياراتهم إذا شعرت ان أسعار الصرف ليست على ما يرام

source:www.watan.com

No comments: