Saturday, May 23, 2009

ماذا ترك المشتغلون بالتكفير، ?

ماذا ترك المشتغلون بالتكفير، والتفسيق، والتبديع، والتنابز بالألقاب، وتصنيف الناس، من دناءة الأخلاق، وسوء المقال؟!"وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ"1
من الأمور التي عمت بها البلوى، وعظمت بها الفتنة في هذه الأيام، الانقسامات والانشطارات والتشرذم، وسوء الظن والتنابز بالألقاب والاشتغال بتصنيف الناس، فقد أصبح هذا السلوك هو الهم الأول، والهاجس الأوحد لكثير من شباب الجماعات السلفية والحركات الإسلامية.
ومن المحزن أن هذا السلوك واجد رضى وقبول من بعض قادة هذه الجماعات إن بلسان الحال أو المقال.
فقد تخلى كثير من هؤلاء الشباب عن عملهم الأول ووظيفتهم الرئيسة وهي بيان العقيدة الصحيحة وما يضادها من الممارسات الشركية والأعمال البدعية، ومن قبل:
1. اشتغالهم بتحصيل العلم الشرعي.
2. والعمل على تزكية نفوسهم.
هذا السلوك المشين، والخلق اللئيم خَلَّف من الآثار السيئة والنتائج المنفرة ما الله به عليم، من ذلك:
1. التسيب الفكري.
2. صد كثير من الشباب عن مشايخهم.
3. ولد سوء الظن وزعزعة الثقة بالنفوس.
4. أشمت عليهم الأعداء.
5. استغلتهم الأجهزة الأمنية في توسيع دائرة الخلاف.
6. عطل العمل الدعوي.
7. صرف العامة عن قبول ما يدعو إليه العلماء.
8. التباغض والتحاسد.
ومن العجيب الغريب أن يصف هؤلاء البعض بأنهم مبتدعة وخوارج وهم في حقيقة الأمر أحق وأولى بهذه التهمة وأهل لها من غيرهم وكما قيل: (رمتني بدائها وانسلت).
سأل ابن عمر رضي الله عنهما سائل: ما تقول في فتية شببة ظراف نظاف يقرأون القرآن ويقيمون الليل، ولكن يكفر بعضهم بعضاً؟!
فقال: ماذا تركوا من دناءة الأخلاق إلا أن يكفر بعضهم بعضاً!
لاشك أن الاشتغال بتكفير وتضليل وتفسيق الآخرين وتصنيفهم حسب ما تهواه الأنفس من طلاب علم صغار، منهم أحداث أسنان، سفهاء أحلام، ذو بضاعة مزجاة ـ إن كانت لهم بضاعة ـ في الفقه في الدين وتأويل آي القرآن العظيم، من الجرائم العظام، والفتن الجسام، والتطفل المذموم، والاشتغال بما لا يعني المرء في أمر دينه ولا دنياه، وقد قال الرسول الكريم والناصح الأمين: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"2.
ولو لم يكن في هذا السلوك إلا صرف المرء عما لا يعنيه لكفاه سوءاً، نحو صرفه عن:
1. طلب العلم الشرعي وتحصيله في هذا العمر.
2. العمل على تزكية النفس وتطهيرها.
3. تشاغله عن عيوب نفسه.
4. توليد الغرور والاستكبار.
5. صرفه عن مهمة الدعوة التي هي وظيفة الرسل وأتباعهم.
6. اقتراف عدد من الكبائر نحو الغيبة والنميمة وسوء الظن وربما الحسد.
هذا بجانب الآثار المتعدية على الآخرين الذي سبق ذكر بعضها.
هذا السلوك يحسبه الكثيرون هيناً وهو عند الله عظيم لأنه من آفات اللسان التي حذر منها الإسلام: "إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللهِ عَظِيمٌ"3. " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ"4. "وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ"5.
فالمسلم الحق "من سلم المسلمون من لسانه ويده" كما ثبت بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا مع يقيننا بوجوب النصح لله ولكتابه ولرسوله بكشف البدع المضلة، وفضح الآراء المضمحلة، والذب عن الكتاب والسنة ولكن ينبغي أن يكون هذا للبدع البينة الواضحة سيما الكفرية وعلى المخالفات المتفق عليها. بل هذا يعتبر من أفضل القربات وأفضل الأعمال بعد الفرائض.
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: (إن كشف الأهواء، والبدع المضلة، ونقد المقالات المخالفة للكتاب والسنة، وتعرية الدعاة إليها، وهجرهم وتحذير الناس منهم، وإقصائهم، والبراءة من فعلاتهم، سنة ماضية في تاريخ المسلمين في إطار أهل السنة، معتمدين شرطي النقد: العلم، وسلامة العقيدة.
إلى أن قال:
ولا يلتبس هذا الأصل الإسلامي بما تراه مع بلج الصبح، وفي غسق الليل من ظهور ضمير أسود، وافد من كل فج استعبد نفوساً بضراوة، أراه (تصنيف الناس) وظاهرة عجيب نفوذها في: (رمز الجراحين) أو (مرض التشكيل وعدم الثقة) حمله فئام غلاظ من الناس يعبدون الله على حرف، فألقوا جلباب الحياء، وشغلوا به أغراراً التبس عليهم الأمر فضلوا وأضلوا، فلبس الجميع أثواب الجرح والتعديل، وتدثروا بشهوة التجريح، ونسج الأحاديث والتعلق بخيوط الأوهام والآثام، ثم بسطوها بإصدار الأحكام عليهم والتشكيل فيهم، وخدشهم، وإلصاق التهم بهم، وطمس محاسنهم، والتشهير بهم، وتوزيعهم أشتاتاً وعزبين.
في عقائدهم، وسلوكهم، ودواخل أعمالهم، وخلجات قلوبهم، وتفسير مقاصدهم ونياتهم ... كل ذلك وأضعاف ذلك مما هنالك من الويلات، يجري على طرفي التصنيف الديني واللاديني)6.
ينبغي لمن له كلمة، أو عنده تقدير عند هؤلاء الشباب أن يتقوا الله في أنفسهم وفيهم وفيمن يقذفون ويجرحون بغير حق والله الهادي إلى سواء السبيل وهو نعم المولى ونعم النصير وصلى الله وسلم وبارك على الناهي عن التدابر والتباغض والتخاصم القائل: "تدع الناس عن الشر فإنها صدقة يصدق بها على نفسك"7 وعلى آله وصحبه والتابعين لهم إلى يوم الدين
www.islamadvice.com

No comments: