Tuesday, June 2, 2009

ما من أحد يضمن أن المارد لن يخرج من القمقم


كروموفغراد (بلغاريا) ـ من انا موديفا

بعد 20 عاماً من شن بلغاريا التي كانت شيوعية في ذلك الحين حملة اضطهاد للاقلية المسلمة يخشى مصطفى يومر من أن تزايد مشاعر كراهية الاجانب ربما تعيد هذا الكابوس مرة أخرى.


وقاد يومر المقاومة وحملات الاضراب عن الطعام احتجاجا على حملة لاجبار المسلمين على الحصول على أسماء بلغارية في ربيع عام 1989.

وهو يقول الآن ان الخطاب السائد المناهض للمسلمين يذكي الكراهية العرقية ويفتح الجراح القديمة.


وقال الفيلسوف والمعلم السابق البالغ من العمر 65 عاماً "نحن جميعاً قلقون للغاية...الناس خائفون من الاحزاب اليمينية المتطرفة التي تريد أن تتحول بلغاريا الى دولة ذات عرق واحد".


ويمثل المسلمون نحو 12 في المئة سكان بلغاريا البالغ تعدادهم 7.6 مليون نسمة وأغلب النسبة المتبقية تنتمي الى الكنيسة الارثوذكسية في بلغاريا.

ونالت البلاد الاشادة لتجنبها الاشتباكات العرقية بعد نهاية الحرب الباردة بما يتناقض مع يوغوسلافيا السابقة التي تحدها الى الغرب.


وبلغاريا هي البلد الوحيد في الاتحاد الاوروبي الذي يضم سكانا مسلمين ليسوا من المهاجرين منذ فترة قريبة.

وأغلبهم منحدرون من أصول تركية وصلوا خلال الحكم العثماني الذي استمر خمسة قرون والذي انتهى عام 1878، وهم يعيشون جنباً الى جنب مع المسيحيين وتربطهم علاقات الجيرة.


ولكن تزايد شعبية حزب الهجوم وهو قومي متطرف وتشدد موقف ساسة يمينيين آخرين تجاه المسلمين قبل انتخابات برلمانية تجرى في يوليو/تموز كشف عن بعض الشقوق في المثال الذي كانت تضربه بلغاريا.


ومن غير المرجح أن يكون حزب الهجوم جزءاً من الحكومة المقبلة ولكنه ساعد على تحديد النبرة السائدة في الحملات الانتخابية.


ويشعر من هم من ذوي أصول تركية والبوماك وهم السلاف الذين اعتنقوا الاسلام خلال الحكم العثماني بالصدمة والانزعاج من اتهامات بأنهم يهدفون الى اقامة مناطق للحكم الذاتي وأن بعض قراهم أصبحت معاقل للتشدد الاسلامي.


وقال فولن سيديروف زعيم حزب الهجوم خلال مظاهرة انتخابية في مايو/ايار "اذا سكتنا ولم نتصرف كوطنيين بلغار فسوف يغزوننا في يوم من الايام دن شك.سوف يضمون اليهم مناطق بأسرها".


وهناك أكثر من مئة واقعة تعرضت فيها مساجد ومبان أخرى للمسلمين للتخريب خلال العامين أو الثلاثة أعوام الماضية.


ومنعت الفتيات من ارتداء الحجاب في بعض المدارس والجامعات في أول مظهر في بلغاريا لقضية أثارت التوترات في غرب أوروبا.


ويخشى بعض المسلمين من فقد الحقوق المدنية التي اكتسبوها خلال العشرين عاما المنصرمة ويخشون تكراراً محتملاً للقمع الذي شهدته الثمانينات في حالة انضمام القوميين الى حكومة ائتلافية بعد الانتخابات التي تجرى في الخامس من يوليو/تموز.


ويقول معلقون ان زيادة شعبية المشاعر القومية ظهرت بسبب استياء الناخبين من تدني مستويات المعيشة الى جانب ارتفاع مستوى الفساد والجريمة المنظمة.


وبلغت "حملة النهضة" التي أطلقها الدكتاتور الشيوعي السابق تودور جيفكوف لتذويب المسلمين قسراً ذروتها بحملة لاجبارهم على تغيير اسمائهم وخروج أكثر من 300 ألف من ذوي الاصول التركية الى تركيا المجاورة عام 1989.


وتشير تقديرات عديدة الى أن ما بين 500 و1500 شخص قتلوا وهم يقاومون حملة التذويب القسري بين 1984 و1989 كما أن آلافاً آخرين ألحقوا بالمعتقلات.

وأدت حملة القمع الى تفجيرات قنابل شنها أتراك عرقيون وأسفرت عن مقتل كثيرين.


وقال فكري جوليستان (49 عاماً) وهو طبيب أسنان في مومشيلغراد حيث تمثل التركية لغة الحياة اليومية "كان من الممكن أن تكون الجراح اندملت الان لو كان بعض الناس قد توقفوا عن فتحها".


ويحذر زعماء دينيون من أن بعض أفراد الاقلية المسلمة ربما يسقطون فريسة لبعض الجماعات الاسلامية الاجنبية التي تحاول تحويلهم للتشدد.


وقال حسين حافظوف المساعد لمصطفى عليش حاجي مفتي المسلمين في بلغاريا "نبذل قصارى جهدنا لمنع هذه العملية، نحاول السيطرة على المساجد وعلى كل الشعائر. حققنا نجاحاً الى الان".


وأضاف حافظوف "يتهموننا باستمرار بأننا ارهابيون ونمثل خطراً على الامن في هذا البلد، لا نعلم ما اذا كان جزء من هذا المجتمع سيتوقف عن الشعور بذلك في يوم من الايام".


ويقول مكتب المفتي ان 323 مسجداً أقيمت خلال السنوات التسع عشرة الماضية وأغلبها بتبرعات من أفراد ومنظمات في دول مسلمة بما في ذلك تركيا.


وتجري الشرطة تحريات حول عدد من المؤسسات الاٍسلامية الاجنبية وقامت ببعض الاعتقالات منذ عام 2000 للاشتباه في محاولة الترويج للتشدد وتدريب أصوليين ولكن لم توجه أي اتهامات.


وفي مارس/آذار أطلقت أجهزة الامن بناء على شكوى من سياسي يميني تحقيقا مع رئيس بلدية ومعلم للدراسات الاسلامية من قرية ريبنوفو للاشتباه في تقاضيه أموالاً سعودية لنشر التشدد الاسلامي.


ولم توجه أي اتهامات ولكن القضية شغلت مساحة كبيرة في الصحف وغيرها من وسائل الاعلام وظهرت رسالات مناهضة للمسلمين مثل "بلغاريا للبلغار".


وينفي زعماء دينيون وجود التشدد الاسلامي ويقولون ان قضية ريبنوفو تزيد من المخاوف من أن الساسة يهددون ثقافة التسامح في المجتمعات المختلطة.


ولكن محللين يقولون ان علاقة الجوار الطيبة السائدة منذ زمن طويل و45 عاماً من الإلحاد خلال الحكم الشيوعي جعلت من الصعب على المتشددين الاسلاميين أن يجدوا لهم موطئ قدم في بلغاريا.


وقالت انتونينا جيلازكوفا رئيسة المركز الدولي لدراسات الاقليات ومقره صوفيا "أغلب الاتراك (في بلغاريا) من العلمانيين. تم صد مروجي التشدد حتى الآن".


ويطل المسجد في كروموفجراد على ناد للقمار مليء بالاضواء وعدة حانات وكان شبه خال خلال صلاة الجمعة الاخيرة.


وترتدي الشابات سراويل الجينز الضيقة وقمصاناً بلا أكمام ويصففن شعرهن على أحدث صيحة بدلا من ارتداء الحجاب في حين أن مدرسة ثانوية اسلامية في مومشيلغراد تجد صعوبة في اجتذاب التلاميذ اليها.


ويرتدي الحجاب الذي كان يحظره الشيوعيون في الثمانينات بشكل أساسي النساء الأكبر سناً من أصول تركية والبوماك الفلاحون من كل الاعمار رداً على اضطهاد الماضي والتعبير عن صحوة في المشاعر الدينية بين المسلمين.


ويقول محللون ان اللعب بورقة المسلمين قبل أسابيع من الانتخابات ساعد عدداً من الاحزاب بما في ذلك حركة الحقوق والحريات لذوي الاصول التركية الذي يسعى لتعبئة الناخبين.


ويقول الكثير من المسلمين انهم يشعرون بخيبة الامل تجاه حركة الحقوق والحريات لانه لم يتمكن من جذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل في مناطقهم التي تظل واحدة من أفقر المناطق في بلغاريا.


ولم يكن أي من الاحزاب الاخرى بما في ذلك الحزب الاشتراكي الحاكم يمثل بديلاً مقبولاً لدى الاقليات.


وتقدر المؤسسات التي تجرى استطلاعات الرأي أن ما بين 10 آلاف و30 ألفاً ممن هاجروا الى تركيا يعودون وقت الانتخابات للتصويت لصالح حركة الحقوق والحريات وأن أنقرة تشجعهم على ذلك.


وقال قادر اوزلم من رابطة الثقافة والتضامن للمهاجرين في البلقان بمدينة بورصة والذي توجه والداه الى تركيا عام 1989 "تريد تركيا وجود أقلية تركية قوية في بلغاريا. يقوي هذا من سيطرة تركيا في العلاقات الثنائية".


كما أن تشدد الموقف تجاه المسلمين في بلغاريا زاد من قوة معارضة انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي.

فقد أظهر استطلاع أجري في أواخر العام الماضي أن 49 في المئة من البلغار يعارضون عضوية أنقرة مقابل تأييد 35 في المئة.


ويشن حزب الهجوم حملته الانتخابية تحت شعار "لا لتركيا في الاتحاد الاوروبي" في انتخابات البرلمان الاوروبي المقررة في السابع من يونيو/حزيران.


وقالت بوريانا ديميتروفا من مركز الفا للابحاث وهي شركة مستقلة لاستطلاعات الرأي "ما من أحد يضمن أن المارد لن يخرج من القمقم ولكن بالنسبة للوقت الراهن هناك مجموعتان بشكل أساسي تستغلان المسألة العرقية".


http://www.middle-east-online.com/?id=78419

No comments: