Wednesday, July 1, 2009


الغرقى من الباحثين عن الحلم الاوروبي عبر المتوسط يعيشون حياة سرية ويُدفنون مجهولي الهوية.
ميدل ايست اونلاينطرابلس – من عماد لملوم
تنتشر في مقابر العاصمة الليبية طرابلس مئات القبور التي تحمل شواهد كتب عليها "هوية مجهولة" او "مواطن افريقي" او "سلطة الموانئ" تحوي جثثا لفظها المتوسط ودفنت دون مواكب تشييع ودون ان يتعرف على اصحابها احد.
ومن سخرية القدر ان قبور ضحايا الحلم الاوروبي كثيرا ما يحفرها ويتعهدها مهاجرون آخرون مستعدين هم ايضا لتحدي الموت بزوارق صغيرة على امل الوصول الى الشواطىء الاوروبية.
وفي مقبرة سيدي حامد في حي قرقارش السكني بالعاصمة الليبية تم تخصيص قطعة ارض لهذه القبور واحاطتها بسور من الآجر الرمادي يفصلها عن اعين الفضوليين.
وقال المصري احمد الذي كان يحفر قبرا تحت شمس حارقة "ان القسم المخصص لهؤلاء المهاجرين ضاق بالقادمين. وهم يدفنونهم الان في مقابر اخرى".
وينتظر احمد هو ايضا الفرصة للمغادرة. وقال "انا لم اغادر بلدي لاقوم بهذا العمل. هذه مجرد محطة" مؤكدا انه لا يخشى الموت مرددا "اذا مت فانها مشيئة الله".
وعلى غرار احمد هناك اكثر من مليون مهاجر غير شرعي في ليبيا على استعداد للقيام بمغامرة عبور محفوفة بالمخاطر الى السواحل الايطالية او المالطية، بحسب ارقام للمنظمة الدولية للهجرة.
اما النيجيري محمد (35 عاما) فانه لم ير زوجته واطفاله منذ سبع سنوات. وكان قدم الى ليبيا بحثا عن عمل ولتوفير ثمن العبور الى اوروبا الذي قال انه "حوالي الفي يورو".
واوضح "لم اتمكن حتى الان من جمع المبلغ لانه علي ارسال المال شهريا لاسرتي". واضاف "ان مشغلينا الليبيين لا يدفعون لنا اجورنا دائما والمشكلة انه لا يمكننا التظلم خشية ان يبلغوا عنا اجهزة الهجرة".
وقال لورينس هارت ممثل منظمة الهجرة في ليبيا "هذه مأساة وحلقة مفرغة". واضاف ان "الشعور بالخجل" من العودة الى الموطن خليي الوفاض يدفع العديد من المهاجرين الى البقاء بشكل غير شرعي في ليبيا لمحاولة عبور المتوسط باتجاه اوروبا.
وتابع "ان العمال غير الشرعيين يجدون انفسهم في ظروف بالغة الهشاشة. ولا يحق لهم الحصول على اية رعاية طبية او قانونية او في حال الوفاة".
وفي "المقبرة المسيحية" حيث يرقد مئات الجنود الايطاليين والبريطانيين منذ الحرب العالمية الثانية، تم تخصيص قطعة ارض لهؤلاء "المهاجرين المجهولين" ليصبحوا بالتالي من اموات المسيحيين دون الاهتمام بمعتقداتهم حين كانوا احياء.
اما عدد من المهاجرين الآخرين فلم يحظوا حتى بقبر لان البحر لم يلفظ جثثهم.
والادهى من ذلك ان جثتين عثر عليهما على الشاطئ لا تزالان محفوظتان منذ نحو عام في مشرحة مستشفى القرابولي بطرابلس لعدم توفر رخصة دفن، بحسب ما نقلت صحيفة "اويا" عن مدير المستشفى.
وقال دبلوماسي افريقي يعمل في طرابلس "في كل الحالات ان مأساة الاسر لا حدود لها حيث ان مصير ابنائها سيبقى مجهولا الى الابد".
واثار غرق مركب مهاجرين غير شرعيين في طريقه الى ايطاليا الاحد قبالة السواحل الليبية ما اوقع 20 قتيلا على الاقل واكثر من 200 مفقود، مخاوف من حدوث مآس جديدة لـ"قوارب الموت" في المتوسط خصوصا مع بدء "موسم الهجرة السرية" مع اقتراب فصل الصيف.

No comments: